للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كيسان، كلهم عن الزهريّ بدونها، وأظنها من كلام الزهريّ، ويَحْتَمِل من شيخه، وفيها تَعَقّب على ما نُقِل عن مالك: لا يَحُجّ أحد عن أحد، واحتَجَّ بأنه لم يبلغه عن أحد من أهل دار الهجرة منذ زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه حج عن أحد، ولا أمر به، ولا أذن فيه، فيقال لمن قَلَّد: قد بلغ ذلك غيره، وهذا الزهريّ معدود في فقهاء أهل المدينة، وكان شيخَه في هذا الحديث.

وقد استَدَلّ بهذه الزيادة ابن حزم للظاهرية، ومن وافقهم في أن الوارث يلزمه قضاء النذر عن مُوَرِّثه في جميع الحالات، قال: وقد وقع نظير ذلك في حديث الزهريّ، عن سهيل في اللعان لَمّا فارقها الرجل قبل أن يأمره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بفراقها، قال: فكانت سُنَّةً. انتهى (١).

[تنبيه آخر]: قال القرطبيّ -رحمه الله-: قد اختُلف في هذا النذر الذي كان على أم سعد؛ فقيل: إنه كان نذرًا مطلقًا، وقيل: صومًا، وقيل: عتقًا، وقيل: صدقةً، والكل مُحْتَمِل، ولا مُعيِّن، فهو مُجْمَل، ولا خلاف أن حقوق الأموال من العتق، والصَّدقة تصحّ فيها النيابة، وتصحّ توفيتها عن الْمَيّت والحيّ، وإنَّما اختُلف في الحجّ والصوم، كما تقدم ذلك في كتابيهما. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": اختُلف في تعيين نذر أم سعد -رضي الله عنهما-، فقيل: كان صومًا؛ لِمَا رواه مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، جاء رجل، فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: "نعم … " الحديث.

وتُعُقّب بأنه لم يتعيَّن أن الرجل المذكور هو سعد بن عبادة، وقيل: كان عتقًا، قاله ابن عبد البرّ، واستَدَلّ بما أخرجه من طريق القاسم بن محمد، أن سعد بن عبادة قال: يا رسول الله، إن أمي هلكت، فهل ينفعها أن اعتق عنها؟ قال: "نعم".

وتُعُقّب بأنه مع إرساله ليس فيه التصريح بأنها كانت نذرت ذلك، وقيل: كان نذرها صدقةً، ففي "الموطأ" وغيره من وجه آخر، عن سعد بن عبادة أن


(١) "الفتح" ١٥/ ٣٦٣، كتاب "الأيمان والنذور" رقم (٦٦٩٨).
(٢) "المفهم" ٤/ ٦٠٥.