للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصباح، وهو أول النهار (١). (الرَّجُلُ) ذكر الرجل ليس للاحتراز عن المرأة، فهي مثله في هذا، ولكن الظاهر - والله أعلم - أن ذلك غالب في الرجال؛ لأن أكثر الفتن تواجههم؛ إذ النساء غالبًا يبتعدن عن مواجهتها بسبب لزومهن البيت غالبًا، (مُؤْمِنًا) أي متّصفًا بأصل الإيمان، أو بكماله (وَيُمْسِي) أي يدخل في المساء، وهو خلاف الصباح (كَافِرًا) أي حقيقةً، أو كافرًا للنعمة، أو مشابهًا للكفرة، أو عاملًا عمل الكافر، وقيل: المعنى: يُصبح مُحَرِّمًا ما حرّمه الله، ويُمسي مستحلًّا إياه، وبالعكس، وحاصله التذبذب في أمر الدين، والتتبّع لأمر الدنيا، كما بيّنه بقوله: "يبيع … إلخ"، قاله القاري (٢).

وأورد البغويّ في "شرح السنّة" (١٤/ ١٥)، عن الحسن أنه قال في هذا الحديث: "يصبح الرجل مؤمنًا" يعني: محرِّمًا لدم أخيه وعرضه وماله، ويمسي مستحلًّا. انتهى.

فقوله: "يُصبح الرجل … إلخ" جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، كأن سائلًا قال: ما حال الفنتة؟ فأجابه بقوله: "يُصبح الرجل … إلخ".

(أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا) "أو" للشكّ من الراوي في أيّ اللفظين قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكلّ من اللفظين يدلّ على سرعة التحوّل من حال الإيمان إلى حال الكفر في أقرب وقت، وليس الليل والنهار مقصودين، بل هما كناية عن السرعة المذكورة؛ إذ يمكن أن يحدث في لحظات قليلة من لحظات الليل والنهار.

وقوله: (يَبِيعُ) جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا لسؤال مقدّر، تقديره هنا: كيف يصبح مؤمنًا، ويمسي كافرًا؟، فأجاب بقوله: "يبيع … إلخ": أي يبيع الرجل، أو أحدهم (دِينَهُ) أي بتركه (بِعَرَضٍ) بفتحتين: أي بأخذ متاع دنيء، وثمن رديء، وقال القرطبيّ: عَرَضُ الدنيا بفتح العين والراء: هو طمعها، وما يَعْرِضُ منها، ويدخل فيه جميع المال، قاله الهرويّ (٣). (مِنَ الدُّنْيَا) بيان للعرض.


(١) "المصباح" ١/ ٣٣١.
(٢) "المرقاة" ٩/ ٢٦٠ - ٢٦١.
(٣) "المفهم" ١/ ٣٢٦.