للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأصلين، وما حكوه عن أبي عمر لا يصحّ، فإن العرب تسمّي نذرًا، وإن لم يكن بشرط، قال جَميل [من الطويل]:

فَلَيْتَ رِجَالًا فِيكِ قَدْ نَذَرُوا دَمِي … وَهَمُّوا بِقَتْلِي يَا بُثَيْنُ لَقُونِي

والجَعَالةُ وعد بشرط، وليست بنذر.

(القسم الثالث): النذر المبهم، وهو أن يقول: لله عليّ نذرٌ، فهذا تجب به الكفّارة في قول أكثر أهل العلم، وروي ذلك عن ابن مسعود، وابن عبّاس، وجابر، وعائشة -رضي الله عنهم-، وبه قال الحسن، وعطاء، وطاوس، والقاسم، وسالِمٌ، والشعبيّ، والنخعيّ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومالكٌ، والثوريّ، ومحمد بن الحسن، ولا أعلم فيه مخالفًا إلَّا الشافعيّ، قال: لا ينعقد نذره، ولا كفّارة فيه؛ لأنَّ من النذر ما لا كفّارة فيه. ولنا ما رواه عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كفّارة النذر إذا لم يُسمّ كفّارة يمين"، رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديث حسنٌ صحيح غريب.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث في إسناده محمد بن يزيد مولى المغيرة بن شعبة مجهول، فتصحيح الترمذيّ له لعله من تساهلاته، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال: ولأنه نصٌّ، وهذا قول من سمّينا من الصحابة والتابعين، ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفًا، فيكون إجماعًا.

(القسم الرابع): نذر المعصية، فلا يحلّ الوفاء به إجماعًا؛ ولأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه"، ولأن معصية الله تعالى لا تحلّ في حال، ويجب على الناذر كفّارة يمين. روي نحو هذا عن ابن مسعود، وابن عبّاس، وجابر، وعمران بن حصين، وسمُرة بن جندب -رضي الله عنهم-، وبه قال الثوريّ، وأبو حنيفة، وأصحابه، وروي عن أحمد ما يدلّ على أنَّه لا كفّارة عليه، فإنه قال فيمن نذر لَيهدِمنّ دار غيره لبنةً لبنةً: لا كفّارة عليه، وهذا في معناه. وروي هذا عن مسروق، والشعبيّ، وهو مذهب مالك، والشافعيّ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد"، رواه مسلم، وقال: "ليس على الرجل نذرٌ فيما لا يملك"، متّفقٌ عليه، وقال: "لا نذر إلَّا ما ابتُغي به وجه الله"، رواه أبو داود، وقال: "من نذر أن يعصي الله فلا