للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعصه"، ولم يأمر بكفّارة. ولما نذرت المرأة التي كانت مع الكفّارت، فنجت على ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تنحرها، قالت: يا رسول الله، إني نذرت إن أنجاني الله عليها أن أنحرها؟ قال: "بئسما جزيتها، لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد"، رواه مسلم، ولم يأمرها بكفّارة، وقال لأبي إسرائيل حين نذر أن يقوم في الشمس، ولا يقعد، ولا يستظلّ، ولا يتكلّم: "مُرُوه، فليتكلّم، وليجلس، وليستظلّ، وليُتِمّ صومه"، رواه البخاريّ، ولم يأمره بكفّارة، ولأن النذر التزام الطاعة، وهذا التزام معصية، ولأنه نذر غير منعقد، فلم يوجب شيئًا؛ كاليمين غير المنعقدة.

ووجه الأول ما روت عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال: "لا نذر في معصية، وكفّارته كفّارة يمين"، رواه الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه وقال الترمذيّ: هو حديث غريب، وعن أبي هريرة، وعمران بن حُصين -رضي الله عنهم- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثله.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث صحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- لا من حديث أبي هريرة، وعمران -رضي الله عنهما-، كما بيّنته في "شرح النسائيّ".

قال: روى الجوزجانيّ بإسناده عن عمران بن حُصين قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "النذر نذران: فما كان من نذر في طاعة الله، فذلك لله، وفيه الوفاء، وما كان من نذر في معصية الله، فلا وفاء فيه، ويكفّره ما يكفّر اليمين". وهذا نصّ.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الحديث ضعيف، كما بيّنته في "شرح النسائيّ"، فتنبّه (١).

قال: ولأن النذر يمين، بدليل ما روي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "النذر حَلْفَة"، وقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأخت عقبة -رضي الله عنه- لَمّا نذرت المشي إلى بيت الله الحرام، فلم تطقه: "تكفّر يمينها"، صحيحٌ (٢) أخرجه أبو داود، وفي رواية:


(١) وصححه الشيخ الألبانيّ رحمه الله، والظاهر أن تصحيحه لشواهده، فليُتنبّه.
(٢) بل ضعيف؛ لأن في سنده شريكًا القاضي، وقد عنعنه، وهو مدلّس، ومتكلّم فيه.