و ٥٢٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٣٩)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٣٠٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٧٠٤)، و (البغويّ) في "شرح السنة"(٤٢٢٣)، و (الفريابيّ) في "صفة المنافق"(١٠١)، و (ابن أبي عاصم) في "الزهد"(٢١٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): الحثّ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذّرها، والاشتغال عنها بما يَحدُث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة، كتراكم ظلام الليل المظلم لا الْمُقْمِر.
٢ - (ومنها): أنه - صلى الله عليه وسلم - وصف نوعًا من شدائد تلك الفتن، وهو أنه يُمسي الشخص مؤمنًا، ثم يُصبح كافرًا أو عكسه، وهذا لعِظَم الفتن، ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب.
٣ - (ومنها): بيان حرص النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أمته، حيث يحثّهم على الإكثار من الطاعات قبل أن تمنعهم الفتن الشاغلة، ويخوّفهم من تأخير الطاعات المتيسّرة؛ إذ لا يدري العبد ماذا يحدث بعد وقته الذي هو فيه، فما أكثر المرض بعد الصحّة، والفقر بعد الغنى!، وما أسرع الشيب بعد الشباب، والشغل بعد الفراغ!.
وقد أخرج الحاكم في "مستدركه" عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل، وهو يعظه:"اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرَمِك، وصحتك، قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك"، وقال: صحيح على شرطهما، وهو كما قال.
وقد نُقل عن السلف آثار كثيرة في شدّة حرصهم على المبادرة بالأعمال، فقد اجتهد أبو موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - قبل موته، فقيل له: لو رفقت بعض الرفق، قال: الخيل إذا وافت رأس المجرى أخرجت ما عندها، والذي بقي من أجلي أقلّ، وقال سُحيم مولى بني تيم: جلستُ إلى عامر بن عبد الله، وهو يُصلّي، فأوجز في صلاته، ثم أقبل، وقال: أرحني بحاجتك، فإني أبادر، فقلت: من؟ قال: ملكَ الموت، فقمتُ عنه، وقام إلى الصلاة، وسأل رجل