للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زَهْدَم: "ثم أتي بنهب ذَوْد، غُرِّ الذُّرَى، فأعطاني خمس ذود"، فوقعت في رواية زَهْدَم جملة ما أعطاهم، وفي رواية غيلان، عن أبي بردة مبدأ ما أمر لهم به، ولم يذكر الزيادة. وأما رواية "خذ هذين القرينين ثلاث مرار"، وفي لفظ: "ستة أبعرة" فيمكن أن تكون السادسة تبعًا، ولم تكن ذروتها موصوفة بذلك، كما تقدّم. انتهى (١).

(غُرِّ الذُّرَى) قال النوويّ رحمه الله: أما الذُّرَى فبضم الذال، وكسرها، وفتح الراء المخففة: جمع ذُرْوَة بكسر الذال وضمها، وذُروة كلِّ شيء أعلاه، والمراد هنا الأسنمة، وأما الْغُرّ: فهي البيض، وكذلك البقع المراد بها البيض، وأصلها ما كان فيه بياض وسواد، ومعناه: أمر لنا بإبل بِيضٍ الأسنمة. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "غُرِّ الذُّرى" غرُّ: جمع أغرَّ، وأصله: الذي في جبهته بياض من الخيل. و"الذُّرَى": جمع ذُروة، وهي: من كل شيء أعلاه. والمراد بـ "غُرّ الذُّرى": أن تلك الإبل كانت بيض الأسنمة. وقد روي: "بُقْعُ الذُّرى"؛ أي: فيها لُمَعٌ بِيضٌ وسُودٌ. ومنه قيل: الغراب الأبقع، والشَّاة البقعاء: إذا كانا كذلك. انتهى (٣).

(فَلَمَّا انْطَلَقْنَا)؛ أي: ذهبنا من عند النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفي رواية: "فاندفعنا"، وفي رواية: "فلبثنا غير بعيد" (قُلْنَا -أَوْ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ-:) "أو" للشكّ من الراوي، وفي رواية للبخاريّ: "فقلت لأصحابي"، وفي رواية: "قلنا: ما صنعنا"، فيجمع على أنهم تكلّموا فيما بينهم، والبادئ هو أبو موسى -رضي الله عنه- (لَا يُبَارِكُ اللهُ لنَا)؛ أي: فيما أعطانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الذَّوْد، إن سكتنا عن ذلك، ولم نعرّفه، ثم بيّن سبب عدم البركة بقوله: (أتيْنَا رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلنَا، ثُمَّ حَمَلنَا)؛ أي: بعد الحلف، فإن هذا مما لا يرضاه الله، وفي رواية ابن عليّة: "نسي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمينه، والله لئن تغفّلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يمينه، لا نُفلح أبدًا"، وفي رواية عبد السلام: "فلما قبضناها، قلنا: تغفّلنا رسول الله كل -صلى الله عليه وسلم- يمينه، لا نفلح أبدًا".


(١) راجع: "الفتح" ١٥/ ٣٩٥ رقم (٦٧١٨).
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٠٩.
(٣) "المفهم" ٤/ ٦٢٨.