وإذا دخلت على المكسورة حُذفت همزة الوصل، نحو قوله تعالى:{أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ}[ص: ٧٥]، ويحتمل أن تكون الهمزة الموجودة هي همزة الوصل المكسورة، وحُذفت همزة الاستفهام، والجملة تفسير، وتفصيل للجملة السابقة (قَالَ سَعْدٌ) - رضي الله عنه - (إِنَّهُ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى) أي بمرض، ودخلت الباء في المفعول؛ لتضمين عَلِم معنى شَعَر، قال الفيّوميّ: إذا كان عَلِم بمعنى: اليقين، تعدّى إلى مفعولين، وإذا كان بمعنى عَرَفَ تعدّى إلى مفعول واحد، وقد يُضَمَّنُ معنى شَعَرَ، فتدخل الباء، فيقال: علمته، وعلمتُ به، وأعلمته الخير، وأعلمته به. انتهى (١). (قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَأتاهُ سَعْدٌ) - رضي الله عنه -.
وفي رواية البخاريّ من طريق موسى بن أنس، عن أنس - رضي الله عنه -: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه، فوجده جالسًا في بيته، مُنَكِّسًا رأسه … "، والرجل المبهم هو سعد بن معاذ - رضي الله عنهم - المبيَّن هنا.
(فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي في شأن احتباسه عنه (فَقَالَ ثَابِتٌ) - رضي الله عنه - (أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ) المتقدّم ذكرها (وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي لأنه كان جهوريّ الصوت (فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ) أي أخاف أن أكون من أهلها؛ لقوله تعالى في الآية:{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الحجرات: ٢].
وفي رواية البخاريّ المذكورة:"فقال: ما شأنك؟ فقال: شَرّ، كان يرفع صوته فوق صوت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد حَبِطَ عمله … ".
(فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) أي ما قاله ثابت - رضي الله عنه - من الاعتذار عن احتباسه عن مجلسه - صلى الله عليه وسلم - (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ") وفي رواية البخاريّ: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال:"اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة".
وأخرج ابن سعد بإسناد قويّ، عن مَعْن بن عيسى، عن مالك، عن ابن شهاب، عن إسماعيل بن محمد بن ثابت، قال: قال ثابت بن قيس بن