للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنت ثابت بن قيس، قالت: لَمّا أنزل الله هذه الآية، دخل ثابت بيته، فأَغْلَق بابه، فذكر القصةَ مُطَوّلَةً، وفيها قولُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَعِيش حميدًا، وتموت شَهِيدًا"، وفيها: فلما كان يومُ اليمامة ثبت حتى قُتِلَ (١)، ذكر هذا كلّه في "الفتح" (٢).

[تنبيه]: استُشْكِلت هذه القصّة بأن نزول الآية المذكورة كان في زمن الوفود، بسبب الأقرع بن حابس وغيره، فقد روى البخاريّ في "صحيحه" عن ابن أبي مليكة قال: "كاد الْخَيِّران أن يَهلكا: أبو بكر وعمر، لَمّا قَدِم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَفْدُ بني تميم، أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التميميّ الحنظليّ، أخي بني مُجاشِع، وأشار الآخر بغيره، فقال أبو بكر لعمر: إنما أردت خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] إلى قوله {عَظِيمٌ} … " الحديث.

وسنة الوفود كانت سنة تسع، وسعد بن معاذ - رضي الله عنه - مات قبل ذلك في بني قريظة، وذلك سنة خمس.

وأجاب الحافظ بأنه يُمكن الجمع بأن الذي نزل في قصة ثابت مجرد رفع الصوت، والذي نَزَل في قصة الأقرع أول السورة، وهو قوله عزَّ وجلَّ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، وقد نزل من هذه السورة سابقًا أيضًا قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، ففي "كتاب الصلح" عند البخاريّ من حديث أنس - رضي الله عنه -، أنها نزلت في قصة عبد الله بن أُبَيّ بن سَلَولَ، وفي سياقه، وذلك قبل أن يسلم عبد الله، وكان إسلام عبد الله بعد وقعة بدر.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا جمع الحافظ في "الفتح"، وفيه نظر لا يخفى، لأن رواية البخاريّ المذكورة صريحة في أن {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} نزلت في قصّة الأقرع، فلا يصحّ الجمع المذكور.


(١) قال الهيثميّ في "المجمع" ٩/ ٣٢٢: رواه الطبرانيّ، وبنت ثابت بن قيس لم أعرفها، وبقيّة رجاله رجال الصحيح، والظاهر أن بنت ثابت بن قيس صحابيّة، فإنها قالت: سمعت أبي .. انتهى.
(٢) "الفتح" ٦/ ٧١٨ - ٧١٩ "كتاب المناقب" رقم (٣٦١٣).