آنفًا (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (لم يَكُنْ يَحُجُّ) وفي بعض النسخ: "حجّ" بصيغة الماضي، قال النوويّ -رَحِمَهُ الله-: المراد به حجّ التطوّع؛ لأنه قد كان حجّ حجة الإسلام في زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (حَتى مَاتَتْ أُمُّهُ) تقديمًا لبرّها على حجّ التطوّع؛ لأن بِرّها فرض، فقدّمه على التطوّع، قال النوويّ -رَحِمَهُ الله-: مذهبنا، ومذهب مالك أن للأب والأمّ منعَ الولد من حجة التطوّع دون حجة الفرض. انتهى (١).
وقوله:(لِصُحْبَتِهَا) من إضافة المصدر إلى مفعوله؛ أي: لأجل أن يصحبها بالخدمة، والإحسان.
(قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ)؛ يعني: شيخه الأول أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح (فِي حَدِيثِهِ: "لِلْعَبْدِ الْمُصْلِحِ"، وَلَمْ يَذْكُرِ "الْمَمْلُوكَ") أراد به بيان اختلاف شيخيه، فحرملة بن يحيى قال في روايته:"للعبد المملوك المصلح"، وقال أبو الطاهر:"للعبد المصلح"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١١/ ٤٣١٢ و ٤٣١٣](١٦٦٥)، و (البخاريّ) في "العتق"(٢٥٤٨)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٣٥ و ٤٠٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٤/ ٧٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٢) والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه فضيلةً ظاهرةً للمملوك المصلِح، وهو الناصح لسيده، والقائم بعبادة ربه المتوجهة عليه، وأن له أجرين لقيامه بالحقّين، ولانكساره بالرقّ.
٢ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن العبد لا جهاد عليه، ولا حج في حال العبودية، وإن صح ذلك منه.