للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٣ - (ومنها): أن في قولهم: لا نرضى بأيمان اليهود، استبعادًا لصدقهم؛ لِمَا عرفوه من إقدامهم على الكذب، وجراءتهم على الأيمان الفاجرة.

١٤ - (ومنها): أن أهل الذِّمَّة يُحكم عليهم بحكم الإسلام، لا سيما إذا كان الحكم بين ذمِّي ومسلم، فإنَّه لا يُختلف في ذلك. وكذلك لو كان المقتول من أهل الذمة فادُّعِي به على مسلم؛ فإن وُلاة الدَّم يحلفون خمسين يمينًا، ويستحقون دية ذمِّي. هذا قول مالك. وقال بعض أصحابه: يحلف المسلم المدَّعى عليه خمسين يمينًا، ويبرأ، ولا تحمل العاقلة ديته. فلو قام للذميِّ شاهدٌ واحدٌ بالقتل؛ فقال مالك: يحلف ولاته يمينًا واحدة ويستحقون الدِّية من ماله في العمد، ومن عاقلته في الخطأ. وقال غيره: يحلف المدَّعى عليه خمسين يمينًا ويُجلد مائة، ويُحبس عامًا.

١٥ - (ومنها): أن فيه ما يدلُّ على جواز سماع حجَّة أحد الخصمين في غيبة الآخر، وأن أهل الذمَّة إن امتنعوا من فعل ما وجب عليهم انتقض عهدهم.

١٦ - (ومنها): ما قال القرطبيّ - رحمه الله -: وهذا الحديث أيضًا حجة للجمهور على من أنكر العمل بالقسامة، فإن ظاهره: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - وجدَ الناس على عمل، فلمَّا أسلموا، واستقل بتبليغ الأحكام أقرَّها على ما كانت عليه، فصار ذلك حكمًا شرعيًّا يُعمل عليه، ويُحكم به، لكن يجب أن يُبحث عن كيفية عملهم الذي كانوا يعملونه فيها، وشروطهم التي اشترطوها، فيُعْمَل بها من جهة إقرار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليها، لا من جهة الاقتداء بالجاهلية فيها. انتهى (١).

١٧ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن الدعوى في القسامة، لا بد فيها من عداوة، أو لَوْث، واختُلف في سماع هذه الدعوى، ولو لم توجب القسامة، فعن أحمد روايتان، وبسماعها قال الشافعيّ؛ لعموم حديث: "اليمينُ على المدعَى عليه"، بعد قوله: "لو يُعطَى الناس بدعواهم، لادَّعَى قوم دماء رجال، وأموالهم"، رواه مسلم، ولأنها دعوى في حقّ آدمي، فتُسمع، ويُستحلف، وقد


(١) "المفهم" ٥/ ١٨.