للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السلف، والخلف على من أنكر العمل بالقسامة، وهم: سالم بن عبد الله، وأبو قلابة، ومسلم بن خالد، وقتادة، وابن عُليّة، وبعض المكيّين، فنفوا الحكم بها شرعًا في العمد، والخطأ. وقد رُوي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، والحكم بن عُتيبة، وقد رُوي عنهما العمل بها. وقد رُوي نفي العمل بها عن سليمان بن يسار، والصحيح عنه روايته المذكورة عنه هنا، حيث قال، عن رجال من الأنصار: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرّ القسامة على ما كانت عليه في الجاهليّة، وظاهر هذا: أنه يقول بها. انتهى (١).

وقال القاضي عياض - رحمه الله -: حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ العلماء كافّةً، من الصحابة، والتابعين، ومَنْ بَعْدَهم، من علماء الأمصار، الحجازيين، والشاميين، والكوفيين، وغيرهم - رحمهم الله تعالى - وإن اختلفوا في كيفية الأخذ به.

ورُوِي عن جماعة إبطال القسامة، وأنه لا حُكم لها، ولا عمل بها، وممن قال بهذا: سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، والْحَكَم بن عُتَيبة، وقتادة، وأبو قلابة، ومسلم بن خالد، وابن عُلية، وغيرهم، وإليه ينحو البخاريّ.

وعن عمر بن عبد العزيز روايتان كالمذهبين، واختلف القائلون بها فيما إذا كان القتل عمدًا، هل يجب القصاص بها؟ فقال معظم الحجازيين: يجب، وهو قول الزهريّ، وربيعة، وأبي الزناد، ومالك، وأصحابه، والليث، والأوزاعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، وهو قول الشافعيّ في القديم، ورُوي عن ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، قال أبو الزناد: قلنا بها، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، إني لأرى أنهم ألف رجل، فما اختَلَف منهم اثنان.

وقال الكوفيون، والشافعيّ في أصح قوليه: لا يجب بها القصاص، وإنما تجب الدية، وهو مرويّ عن الحسن البصريّ، والشعبيّ، والنخعيّ، وعثمان


(١) "المفهم" ١/ ٥.