للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَتِّيِّ، والحسن بن صالح، ورُوي أيضًا عن أبي بكر، وعمر، وابن عباس، ومعاوية - رضي الله عنهم -.

واختلفوا فيمن يَحْلِف في القسامة، فقال مالك، والشافعيّ، والجمهور: يَحْلِف الورثة، ويجب الحقّ بحلفهم خمسين يمينًا، واحتجوا بهذا الحديث الصحيح، وفيه التصريح بالابتداء بيمين الْمُدَّعِي، وهو ثابت من طرق كثيرة صحاح، لا تندفع، قال مالك: الذي أجمعت عليه الأئمة قديمًا وحديثًا أن المدَّعِين يبدؤون في القسامة، ولأن جَنَبَة المدعِي صارت قويّة باللَّوْث.

قال القاضي: وضَعَّف هؤلاء روايةَ مَن روى الابتداء بيمين الْمُدَّعَى عليهم، قال أهل الحديث: هذه الرواية وَهَمٌ من الراوي؛ لأنه أَسقط الابتداء بيمين الْمُدَّعِي، ولم يَذْكُر رَدَّ اليمين، ولأن مَن روى الابتداء بالمدّعين معه زيادة، ورواياتها صحاح، من طرق كثيرة مشهورة، فوجب العمل بها، ولا تعارضها رواية مَن نَسِيَ.

وقال كلُّ من لم يوجب القصاص، واقتصر على الدية: يُبدأ بيمين الْمُدَّعَى عليهم، إلا الشافعيّ، وأحمد، فقالا بقول الجمهور: إنه يُبدأ بيمين الْمُدَّعِي، فإن نَكَلَ رُدَّت على الْمُدَّعَى عليه.

وأجمع العلماء على أنه لا يجب قصاص، ولا دية، بمجرد الدعوى، حتى تقترن بها شبهة يغلب الظن بها، واختلفوا في هذه الشبهة المعتبرة الموجبة للقسامة، ولها سبع صور:

[الأولى]: أن يقول المقتول في حياته: دمي عند فلان، وهو قتلني، أو ضربني، وإن لم يكن به أثرٌ، أو فَعَلَ بي هذا، من إنفاذ مقاتلي، أو جرحني، ويذكر العمد، فهذا موجب للقسامة عند مالك، والليث، وادَّعَى مالك: أنه مما أجمع عليه الأئمة قديمًا وحديثًا، قال القاضي: ولم يقل بهذا من فقهاء الأمصار غيرهما، ولا رُوي عن غيرهما، وخالف في ذلك العلماء كافّةً، فلم يَرَ أحد غيرهما في هذا قسامةً، واشترط بعض المالكية وجود الأثر والجرح في كونه قسامةً، واحتجّ مالك في ذلك بقضية بني إسرائيل، وقوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} الآية [البقرة: ٧٣]، قالوا: فَحَيِيَ الرجل، فأخبر بقاتله، واحتجّ أصحاب مالك أيضًا بأن تلك حالةٌ يُطْلَب بها غفلةُ