للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحدةً يقال لها: الحنّاء، وهو في ذلك متابع للواقديّ، وقد ذكره الواقديّ في "المغازي" بإسناد ضعيف مرسل. انتهى (١).

(فَتَشْرَبُوا) وفي بعض النسخ: "فتشربون"، بإثبات النون، ووجه الأول أنه معطوف على "تخرجوا"، فهو منصوب، ووجه الثاني أن يكون مستأنفًا؛ أي: فأنتم تشربون (مِنْ ألْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا") وفي رواية أبي رجاء عند البخاريّ: "فاخرجوا، فاشربوا من ألبانها وأبوالها"، بصيغة الأمر، وفي رواية شعبة، عن قتادة عند البخاريّ: "فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من ألبانها، وأبوالها".

قال في "الفتح": فأما شربهم ألبان الصدقة فلأنهم من أبناء السبيل، وأما شربهم لبن لقاح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فبإذنه المذكور، وأما شربهم البول فاحتجّ به من قال بطهارته، أما من الإبل فبهذا الحديث، وأما من مأكول اللحم فبالقياس عليه، وهذا قول مالك، وأحمد، وطائفة من السلف، ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة (٢)، وابن المنذر، وابن حبان، والإصطخريّ، والرويانيّ، وذهب الشافعيّ، والجمهور إلى القول بنجاسة الأبوال، والأرواث كلها من مأكول اللحم وغيره.

واحتجّ ابن المنذر لقوله بأن الأشياء على الطهارة حتى تثبت النجاسة، قال: ومن زَعَم أن هذا خاصّ بأولئك الأقوام فلم يُصب؛ إذ الخصائص لا تثبت إلا بدليل، قال: وفي ترك أهل العلم بيع الناس أبعار الغنم في أسواقهم، واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم قديمًا وحديثًا من غير نكير دليل على طهارتها.

وتعقّبه صاحب "الفتح"، فقال: وهو استدلال ضعيف؛ لأن المختلَف فيه لا يجب إنكاره، فلا يدلّ ترك إنكاره على جوازه فضلًا عن طهارته.


(١) "الفتح" ١/ ٥٧٥ - ٥٧٦.
(٢) عَدُّ ابن خزيمة، وابن حبّان، وابن المنذر من مقلدي الشافعيّ رأي باطل، وقول عاطل؛ فإن هؤلاء لا يقلّدون الشافعيّ، وإنما هم مجتهدون، متّبعون للأدلة، سواء وافقت قول الشافعيّ، أم لا، وقد فنّدت هذا القول في "شرح مقدّمة صحيح مسلم"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.