للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: هذا التعقّب مما لا معنى له، فكيف لا يجب الإنكار على المختلف فيه، ولا سيما ما خالف الأدلّة؟ وكم من مسائل اختلف فيها، قد أنكرها أهل العلم، وردّوها، وهذا مما لا يخفى على من أمعن النظر، فتأمل بالإنصاف.

قال: وقد دلّ على نجاسة الأبوال كلها حديث أبي هريرة: الذي قدمناه قريبًا.

قال الجامع عفا الله عنه: أراد بحديث أبي هريرة: ما أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"، وغيره عنه مرفوعًا: "استنزهوا من البول، فإن عامّة عذاب القبر منه"، واستدلاله بهذا غير صحيح، فإن المراد من البول في هذا الحديث بول الإنسان، فـ "أل" فيه للعهد، وقد أشار إلى ذلك البخاريّ - رحمه الله - في "صحيحه"، وأن المراد به بول الإنسان، بدليل حديث صاحبي القبرين.

والحاصل أن الأصحّ طهارة الأبوال والأرواث؛ لقوّة حجته، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في "كتاب الطهارة"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

(فَفَعَلُوا)؛ أي: ما أمرهم به، من شرب أبوالها، وألبانها (فَصَحُّوا) زاد في رواية وُهيب عند البخاريّ: "وسَمِنُوا"، وللإسماعيليّ من رواية ثابت: "ورجعت إليهم ألوانهم" (ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ) وفي نسخة شرح النوويّ: "على الرعاة"، قال: وفي بعض الأصول المعتمدة: "على الرعاء"، وهما لغتان، يقال: راع ورُعاة، كقاض وقُضاة، وراع ورِعاء بكسر الراء، وبالمدّ، مثلُ صاحب وصِحاب. انتهى (١). (فَقَتَلُوهُمْ، وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلَامِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) الذّود - بفتح الذال المعجمة، وسكون الواو، آخره دال مهملة -: ما بين سن الثلاث إلى العشر من الابل، وهي مؤنّثة، والجمع أذواد (٢).

(فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية للبخاريّ: "فجاء الخبر في أول النهار"، وفي رواية: "فجاء الصريخ" بالخاء المعجمة، وهو فعيل بمعنى فاعل؛ أي: صرخ بالإعلام بما وقع منهم، وهذا الصارخ أحد الراعيين، كما ثبت في


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ١٥٤ - ١٥٥.
(٢) راجع: "المصباح" ١/ ٢١١.