للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتجّ من قال بالتدمية إن دعوى من وصل إلى تلك الحالة، وهي وقت إخلاصه، وتوبته عند معاينة مفارقة الدنيا، يدلُّ على أنه لا يقول إلا حقًّا، قالوا: وهي أقوى من قول الشافعية: إن الولي يُقسم إذا وَجَد قرب وليّه المقتول رجلًا معه سكين؛ لجواز أن يكون القاتل غير من معه السكين، ذكره في "الفتح" (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وفيه: ما يدلُّ على اعتبار التَّدمية على الجملة، وقد تقدَّم الكلام فيها، لكن الصحيح في هذا الحديث: أن اليهوديّ إنَّما قُتل بالمرأة بإقراره، لا بمجرد التَّدمية. والرواية التي يظهر منها: أنَّه قُتل بمجرد التَّدمية مردودة إلى الرواية التي ذكر فيها: أنه قُتل بإقراره لوجهين:

أحدهما: أن القصَّة واحدة وإن اختلفت الرِّوايات، فيُحْمَل مُطْلَقُها على مقيِّدِها.

والثاني: أن ظاهر تلك الرِّواية المطلقة مجمع على تركه؛ إذ لم يقل أحد من المسلمين: أن التَّدمية بمجردها يُقتَل بها، وإنَّما هي عند من قال بها لَوْثٌ يُقْسِم معها، ولم يُسمع قطّ في شيء من طرق هذا الحديث، ولا رواياته أن أولياء هذه الجارية أقسموا على اليهودي. انتهى (٢).

٨ - (ومنها): أنه استُدلّ به على وجوب القصاص على الذميّ.

وتُعُقّب بأنه ليس فيه تصريح بكونه ذميًّا، فَيَحْتَمِل أن يكون معاهَدًا، أو مستأمَنًا، والله أعلم.

٩ - (ومنها): جواز ذِكْر من اتُّهِم، وعَرْضِهم على المقتول واحدًا، واحدًا بعينه واسمه، وإن لم تتم دلالة على لطخه أكثر من أنَّه يَحتَمِل ذلك احتمالًا قريبًا، ولا يكون ذلك عرضًا يستباح.

١٠ - (ومنها): قتل الكبير بالصَّغير؛ لأن الجارية اسم لمن لم يبلغ من النساء؛ كالغلام من الرجال، وهذا لا يُختلف فيه، قاله القرطبيّ - رحمه الله - (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١٦/ ٢٧، كتاب "الديات" رقم (٦٨٧٦).
(٢) "المفهم" ٥/ ٢٤ - ٢٥.
(٣) "المفهم" ٥/ ٢٥.