عدم عودها، وهذا قول بعض أصحاب الشافعيّ، وقال القاضي: يُسأل أهل الخبرة، فإن قالوا: لا تعود فله القصاص في الحال، وإن قالوا: يُرجى عودها إلى وقتٍ ذكروه، لم يقتص حتى يأتي ذلك الوقت، وهذا قول بعض أصحاب الشافعي؛ لأنها تحتمل العود، فأشبهت سنّ من لم يُثغر. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن وجوب القصاص في السنّ مجمع عليه بين أهل العلم؛ للآية المذكورة، وحديث الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في القصاص في سائر عظام الجسد:
قال العلامة ابن بطّال - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن هذه الآية؛ يعني: قوله تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} الآية [المائدة: ٤٥] في العمد، فمن أصاب سنّ أحد عمدًا، ففيه القصاص على حديث أنس - رضي الله عنه -، واختَلَف العلماء في سائر عظام الجسد إذا كُسرت عمدًا، فقال مالك: عظام الجسد كلّها فيها القَوَد، إذا كُسرت عمدًا: الذراعان، والعضدان، والساقان، والقدمان، والكعبان، والأصابع إلا ما كان مجوَّفًا، مثل الفخذ، وشبهه، كالمأمومة، والمنقّلة، والهاشمة، والصلب، ففي ذلك الدية.
وقال الكوفيّون: لا قصاص في عظم يُكسر إلا السنّ؛ لقوله تعالى:{وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} الآية [المائدة: ٤٥]، وهو قول الليث، والشافعيّ. واحتجّ الشافعيّ، فقال: إن دون العظم حائلًا من جلد، ولحم، وعَصَب، فلو استيقنّا أنا نكسر عظمة كما كسر عظمة، لا يزيد، ولا ينقص فعلناه، ولكنا لا نصل إلى العظم حتى ننال منه ما دونه، مما ذكرنا أنا لا نعرف قدره، مما هو أقلّ، أو أكثر مما نال غيره، وأيضًا فإنا لا نقدر أن يكون كسر ككسر أبدًا، فهو ممنوع.
وقال الطحاويُّ: اتفقوا على أنه لا قصاص في عظم الرأس، فكذلك سائر العظام.
والحجة لمالك حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال في سنّ الربيّع: