جويرية، ومنصور الفقيه، وأبو جعفر الترمذيّ إلى أنه يُكَفَّر بذلك، ولو لم يجحد وجوبها، وذهب الجمهور إلى أنه يُقتل حدًّا، وذهب الحنفية، ووافقهم المزنيّ إلى أنه لا يكفّر، ولا يُقتل.
قال: ومن أقوى ما يُستدَلّ به على عدم كفره حديث عبادة، رفعه:"خمسُ صلوات كتبهن الله على العباد. . ." الحديث، وفيه:"ومن لم يأت بهنّ فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة"، أخرجه مالك، وأصحاب "السنن"، وصححه ابن حبان، وابن السكن، وغيرهما، وتمسك أحمد، ومن وافقه بظواهر أحاديث، وَرَدَت بتكفيره، وحَمَلها من خالفهم على المستحلّ جمعًا بين الأخبار، والله أعلم.
وقد تعقّب الصنعانيّ - رحمه الله - في "العدّة" على استدلال الحافظ المذكور، فقال: وأما الحديث الذي قال ابن حجر: إنه أقوى ما يُستدلّ به، فلفظه:"خمس صلوات افترضهنّ الله تعالى، مَنْ أحسن وضوءهنّ، وصلاهنّ لوقتهنّ، وأتمّ ركوعهنّ، وخشوعهنّ كان له على الله عهد أن يَغفر له، ومن لم يفعل، فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه".
فقوله:"ومن لم يفعل"؛ أي: لم يأت بهنّ على تلك الصفات، لا أنه لم يأت بهنّ أصلًا، وهذا الاحتمال أقوى، فلا يتمّ معه الاستدلال. انتهى، وهو تعقّب جيّد، ومفيدٌ، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
١٠ - (ومنها): أنه قد استَدَلّ بهذا الحديث بعض الشافعية لقتل تارك الصلاة؛ لأنه تارك للدين الذي هو العمل، وانما لم يقولوا بقتل تارك الزكاة؛ لإمكان انتزاعها منه قهرًا، ولا يُقتل تارك الصيام؛ لإمكان منعه المفطرات، فيحتاج هو أن ينوي الصيام؛ لأنه يعتقد وجوبه.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الاستدلال قويّ جدًّا، وقد تقدّم البحث في تارك الصلاة مستوفًى في "كتاب الصلاة"، فارجع إليه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.
١١ - (ومنها): استُدِلّ به على أن الحر لا يُقتل بالعبد؛ لأن العبد لا يُرجم إذا زنى، ولو كان ثيّبًا، حكاه ابن التين، قال: وليس لأحد أن يفرّق ما جمعه الله إلا بدليل، من كتاب، أو سُنَّة، قال: وهذا بخلاف الخصلة الثالثة،