فإن الإجماع انعقد على أن العبد والحر في الردّة سواء، فكأنه جعل أن الأصل العمل بدلالة الاقتران ما لم يأت دليل يخالفه.
[تنبيه]: قال الحافظ العراقيّ - رحمه الله - في "شرح الترمذي": استثنى بعضهم من الثلاثة قتل الصائل، فإنه يجوز قَتْله للدفع، وأشار بذلك إلى قول النوويّ: يُخصّ من عموم الثلاثة الصائل، ونحوه، فيباح قتله في الدفع.
وقد يجاب بأنه داخل في المفارق للجماعة، أو يكون المراد: لا يحلّ تعمّد قتله، بمعنى أنه لا يحل قتله إلا مدافعة، بخلاف الثلاثة، واستحسنه الطيبيّ، وقال: هو أولى من تقرير البيضاويّ؛ لأنه فسَّر قوله:"النفس بالنفس": يَحِلّ قتل النفس قصاصًا للنفس التي قتَلها عدوانًا، فاقتضى خروج الصائل، ولو لم يقصد الدافع قتله.
قال الحافظ: والجواب الثاني هو المعتمَد، وأما الأول فتقدَّم الجواب عنه.
وحَكَى ابن التين عن الداوديّ أن هذا الحديث منسوخ بآية المحارَبة:{مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ} الآية [المائدة: ٣٢] قال: فأباح القتل بمجرد الفساد في الأرض، قال: وقد ورد في القتل بغير الثلاث أشياء، منها: قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} الآية [الحجرات: ٩]، وحديث:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوه"، وحديث:"من أَتَى بهيمةً، فاقتلوه"، وحديث:"من خرج، وأمْرُ الناس جميعٌ، يريد تفرّقهم، فاقتلوه"، وقول عمر:"تَغِرَّة أن يُقْتَلا"، وقول جماعة من الأئمة: إن تاب أهل القَدَر، وإلا قُتلوا، وقول جماعة من الأئمة: يُضْرَب المبتدِع حتى يرجع، أو يموت، وقول جماعة من الأئمة: يُقتَل تارك الصلاة، قال: وهذا كله زائد على الثلاث.
وزاد غيره: قَتْلَ مَن طَلَب أخذ مال إنسان، أو حريمه بغير حقّ، ومانع الزكاة المفروضة، ومن ارتدّ، ولم يفارق الجماعة، ومن خالف الإجماع، وأظهر الشقاق والخلاف، والزنديق إذا تاب - على رأي - والساحر.
والجواب عن ذلك كله: أن الأكثر في المحارَبة أنه إن قَتَل قُتِل، وبأن حُكْمَ الآية في الباغي أن يقاتَل، لا أن يُقْصَد إلى قتله، وبأن الخبرين في اللواط، وإتيان البهيمة لم يصحّا، وعلى تقدير الصحة فهما داخلان في الزنا، وحديث الخارج عن المسلمين تقدَّم تأويله بأن المراد بقتله: حبْسِه ومِنْعه من