للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحصيل، فقال: إن الله سبحانه أول ما خلق الشمس أجراها في برج الحمل، وكان الزمان الذي أشار إليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صادف حلول الشمس في برج الحمل.

قال القرطبيّ: وهذا تقوُّل بما لم يصحّ نقله؛ إذ مقتضى قوله: إن الله تعالى خلق البروج قبل الشمس، وأنه أجراها في أول برج الحمل، وهذا لا يُتَوَصَّل إليه إلا بالنقل عن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ولا نَقْلَ صحيحًا عنهم بشيء من ذلك، ومن ادَّعاه فليُسْنده، ثمَّ: إن العقل يُجَوِّز خلاف ما قال، وهو: أن يخلق الله تعالى الشمس قبل البروج، ويجوز أن يخلق كل ذلك دفعة واحدة، ثم إن علماء التعديل قد اختبروا كلام ذلك الرجل فوجدوه خطأ صراحًا؛ لأنَّهم اعتبروا بحساب التعديل اليوم الذي قال فيه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك القول، فوجدوا الشمس فيه في برج الحوت، بينها وبين الحمل عشرون درجة، ومنهم من قال: عشر درجات. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(السَّنَةُ)؛ أي: العربية الهلالية (اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) قال في "الفتح": ذَكَر الطبريّ في سبب ذلك من طريق حُصين بن عبد الرحمن، عن أبي مالك: "كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرًا"، ومن وجه آخر: كانوا يجعلون السنة اثني عشر شهرًا وخمسة وعشرين يومًا، فتدور الأيام والشهور كذلك. انتهى.

وقال التوربشتيّ - رحمه الله -: قوله: "إن الزمان قد استدار. . . إلخ": الزمان اسم لقليل الوقت وكثيره، وأراد به هنا السنةَ. انتهى، قال الطيبيّ - رحمه الله -: وذلك أن قوله: "السنة اثنا عشر شهرًا" إلى آخره جملة مستأنَفة مبيِّنة للجملة الأولى، فالمعنى أن الزمان في انقسامه إلى الأعوام، والأعوام إلى الأشهر عاد إلى أصل الحساب والوضع الذي اختاره الله، ووضَعه يوم خلق السماوات والأرض، والهيئة صورة الشيء، وشكله، وحاله، والكاف صفة مصدر محذوف؛ أي: استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله السماوات والأرض (٢).

(مِنْهَا)؛ أي: من الاثني عشر شهرًا (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ)؛ أي: محترمة، لا يجوز انتهاكها، و"الْحُرُمُ" بضمّتين: جمع حَرام بالفتح.


(١) "المفهم" ٥/ ٤٣ - ٤٤.
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ٢٠١٤.