للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خاص بمكة، وهي المرادة بقوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} الآية [النمل: ٩١].

وقال التوربشتيّ - رحمه الله -: وجه تسميتها بالبلدة - وهي تقع على سائر البلدان - أنها البلدة الجامعة للخير، المستحقّة أن تُسمّى بهذا الاسم؛ لتفوّقها سائر مسمّيات أجناسها تفوّقَ الكعبة في تسميتها بالبيت سائر مسمّيات أجناسها، حتى كأنها هي المحلّ المستحقّ للإقامة بها، قال ابن جني: من عادة العرب أن يوقعوا على الشيء الذي يختصّونه بالمدح اسم الجنس، ألا تراهم كيف سَمَّوا الكعبة بالبيت، وكتاب سيبويه بالكتاب. انتهى (١).

(قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ "، قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ -: فَسَكَتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْر اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ ") بالنصب، ويَحتمل الرفع كسابقه، والتقدير عليه: أي: أليس يومُ النحر هذا اليومَ؟ (قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ).

[فائدة]: وقع في حديث الباب: "فسكتنا" بعد السؤال، ووقع في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم النحر، فقال: "أي يوم هذا؟ " قالوا: "يوم حرام"، وظاهرهما التعارض، والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم ابن عباس أجابوا، والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا، بل قالوا: الله ورسوله أعلم، أو تكون رواية ابن عباس بالمعنى؛ لأن في حديث أبي بكرة أنه لما قال: "أليس يوم النحر؟ " قالوا: بلي، بمعنى قولهم: "يوم حرام" بالاستلزام، وغايته أن أبا بكرة نَقَل السياق بتمامه، واختصره ابن عباس، وكأن ذلك كان بسبب قرب أبي بكرة منه؛ لكونه كان آخذًا بخطام الناقة.

وقال بعضهم: يَحْتَمِل تعدد الخطبة، فإن أراد أنه كررها في يوم النحر، فيحتاج لدليل، فإن في حديث ابن عمر عند البخاريّ في "الحج" أن ذلك كان يوم النحر بين الجمرات في حجته، أفاده في "الفتح" (٢).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ٢٠١٥، و"الفتح" ٤/ ٧٠١ رقم (١٧٣٩).
(٢) راجع: "الفتح" ١/ ٢٨١ - ٢٨٢، كتاب "العلم" رقم (٦٧).