للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغرة عبد أبيض، أو أمة بيضاء، قال: فلا يجزي في دية الجنين سوداء، إذ لو لم يكن في الغرة معنى زائد، لَمَا ذكرها، ولقال: عبد، أو أمة، ويقال: إنه انفرد بذلك، وسائر الفقهاء على الإجزاء، فيما لو أخرج سوداء، وأجابوا بأن المعنى الزائد كونه نفيسًا، فلذلك فسّره بعبد أو أمة؛ لأن الآدمي أشرف الحيوان، وعلى هذا فالذي وقع في رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، من زيادة ذكر الفرس في هذا الحديث وَهَم، ولفظه: "غرة: عبد، أو أمة، أو فرس، أو بغل"، ويمكن إن كان محفوظًا أن الفرس هي الأصل في الغرة، كما تقدم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن ما ذهب إليه الجمهور من إجزاء العبد الأسود هو الحقّ؛ لأن المراد بالغرّة هو الشيء النفيس، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ) يَحْتَمل أن يكون بالبناء للفاعل، أو للمفعول، (عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ) قال النوويّ - رحمه الله -: قال العلماء: هذا الكلام قد يوهم خلاف مراده، فالصواب أن المرأة التي ماتت هي الْمَجْنِيّ عليها، أمُّ الجنين، لا الجانية، وقد صرّح به في الحديث بعده بقوله: "فقتلتها، وما في بطنها"، فيكون المراد بقوله: "التي قضى عليها بالغرة"؛ أي: التي قَضَى لها بالغرة، فعبَّر بـ "عليها" عن "لها". انتهى (٢).

(فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا، وَزَوْجِهَا، وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا) المراد: عصبة القاتلة، وكأن تخصيص الميراث لبنيها وزوجها لكونهم هم الذين وُجدوا من الورثة في هذه الواقعة، وإلا فالظاهر أن ميراثها لورثتها أيًّا كانوا، ويدلّ على ذلك ما في الرواية التالية بلفظ: "وورّثها ولدها، ومن معهم". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ١٦/ ١٠٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٧٧.