للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُشر الدية، وهي خمس من الإبل، وروي ذلك عن عمر، وزيد - رضي الله عنهما -، وبه قال النخعيّ، والشعبيّ، وربيعة، وقتادة، ومالك، والشافعيّ، وإسحاق، وأصحاب الرأي، ولأن ذلك أقل ما قدّره الشرع في الجنايات، وهو أَرْشُ المُوضِحَة، ودية السن فرددناه إليه.

[فإن قيل]: فقد وجب في الأنملة ثلاثة أبعرة وثلث، وذلك دون ما ذكرتموه.

[قلنا]: الذي نص عليه صاحب الشريعة غرةً، قيمتها أرش الموضحة، وهو خمس من الإبل. انتهى (١)، وهو بحث مفيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم في حكم الغرّة، هل يورَّث، أم لا؟:

ذهبت طائفة إلى أن الغرّة موروثة عن الجنين، كأنه سقط حيًّا؛ لأنها دية له، وبدل عنه، فيرثها ورثته كما لو قُتل بعد الولادة، وبهذا قال مالك، والشافعيّ، وأصحاب الرأي.

وذهب الليث إلى أنه لا يورَّث، بل يكون بدلُهُ لأمه؛ لأنه كعضو من أعضائها، فأشبه يدها.

وحجة الأولين أنها دية آدميّ حرّ، فوجب أن تكون موروثة عنه، كما لو ولدته حيًّا، ثم مات، وقوله: إنه عضو من أعضائها لا يصح؛ لأنه لو كان عضوًا لدخل بدلُهُ في دية أمه كَيَدِها، ولَمَا مُنِع القصاص من أمه، وإقامة الحد عليها من أجله، ولَمَا وجبت الكفارة بقتله، ولَمَا صَحّ عتقه دونها، ولا عتقها دونه، ولا تَصَوُّرُ حياتِهِ بعد موتها، ولأن كل نفس تُضْمَن بالدية، تورث كَدِية الحيّ. انتهى بتصرّف، واختصار (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): فيما قاله أهل العلم فيما إذا كان الجنين أكثر من واحد:


(١) "المغني" ١٢/ ٦٦ باختصار.
(٢) "المغني" ١٢/ ٦٧.