للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَيبة لهم، فأخذها القوم، فأوثقوها، فلما أصبحوا أتوا بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعاذت بِحِقْوي أم سلمة، فأمر بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقُطِعت، وأنشدوا في ذلك شعرًا، قاله خُنيس بن يعلى بن أمية.

وفي رواية ابن سعد أن ذلك كان في حجة الوداع، وقصة فاطمة بنت الأسود كانت عام الفتح، فظهر تغاير القصتين، وأن بينهما أكثر من سنتين.

قال الحافظ - رحمه الله -: ويظهر من ذلك خطأ من اقتصر على أنها أم عمرو؛ كابن الجوزيّ، ومن رَدَّدَها بين فاطمة، وأم عمرو؛ كابن طاهر، وابن بشكوال، ومن تبعهما - فللَّه الحمد -.

وقد تقلّد ابن حزم ما قاله بشر بن تيم، لكنه جعل قصة أم عمرو بنت سفيان في جحد العارية، وقصة فاطمة في السرقة، وهو غلط أيضًا؛ لوقوع التصريح في قصة أم عمرو بأنها سرقت. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (١)، وهو تحقيق نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(الَّتِي سَرَقَتْ) زاد يونس في روايته: "في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة الفتح"، ووقع بيان المسروق في حديث مسعود بن أبي الأسود المعروف بابن العجماء، فأخرج ابن ماجه، وصححه الحاكم، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن رُكانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها، قال: "لَمَّا سَرَقت المرأة تلك القطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظمنا ذلك، فجئنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكلمه. . ."، وسنده حسن، وقد صَرَّح فيه ابن إسحاق بالتحديث، في رواية الحاكم، قاله في "الفتح" (٢)، وسيأتي البحث في هذا في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

(فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟)؛ أي: يشفع عنده فيها أن لا تُقْطَع، إما عفوًا، وإما بفداء، وقد وقع ما يدل على الثاني في حديث مسعود بن الأسود، ولفظه، بعد قوله: "أعظمنا ذلك": "فجئنا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: نحن نفديها بأربعين أوقية، فقال: تُطَهَّر خير لها"، وكأنهم ظنوا أن الحدّ يَسْقُط


(١) "الفتح" ١٥/ ٥٥٧ - ٥٥٨، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٨٨).
(٢) "الفتح" ١٥/ ٥٥٨.