للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالفدية، كما ظَنَّ ذلك من أفتى والدَ الْعَسِيف الذي زنى بأنه يَفتدي منه بمائة شاة، ووليدة.

ولحديث مسعود هذا شاهدٌ، عند أحمد، من حديث عبد الله بن عمرو: "أن امرأة سَرَقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال قومها: نحن نفديها"، قاله في "الفتح" (١).

(فَقَالُوا: وَمَنْ) للاستفهام الإنكاريّ؛ أي: لا أحد (يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ) - بسكون الجيم، وكسر الراء - يَفْتَعِل، من الْجُرْأة - بضم الجيم، وسكون الراء، وفتح الهمزة، ويجوز فتح الجيم والراء، مع المدّ - والجرأة: هي الإقدام بإدلال، والمعنى: ما يجترئ عليه إلا أسامة - رضي الله عنه -.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: الواو عاطفة على محذوف، تقديره: لا يجترئ عليه أحدٌ؛ لمهابته، لكن أسامة له عليه إدلال، فهو يَجْسُر على ذلك.

ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ: "فقالوا: من يكلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، ومن يجترئ عليه إلا أسامة. . ."، والرواية الأولى أوضح؛ لأن الذي استَفْهم بقوله: "من يُكَلّم؟ " غير الذي أجاب بقوله: "ومن يجترئ عليه؟ ".

(إِلَّا أُسَامَةُ) بن زيد - رضي الله عنهما - (حِبُّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟)، وابن حبّه - رضي الله عنهما - بكسر الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحّدة -: بمعنى محبوب، مثل قِسْم بمعنى مقسوم، وفي ذلك تلميح بما أخرجه البخاريّ في "المناقب" من "صحيحه" عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأخذه، والحسن، ويقول: "اللهم إني أحبهما، فأحبهما"، وأخرج في "الأدب" أيضًا عن أسامة - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذني، فيُقعدني على فخذه، ويُقعد الحسن على فخذه الأخرى، ثم يضمّهما، ثم يقول: اللهمّ ارحمهما، فإني أرحمهما".

وكان السبب في اختصاص أسامة - رضي الله عنه - بذلك: ما أخرجه ابن سعد من طريق جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأسامة: لا تشفع في حدّ، وكان إذا شَفَعَ شَفَّعه" - بتشديد الفاء - أي: قَبِل شفاعته، وكذا وقع في مرسل حبيب بن أبي ثابت: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُشَفِّعُهُ".


(١) "الفتح" ١٥/ ٥٦٤، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٨٨).