للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لا تنافي بين السببين؛ لأن أحدهما نتيجة الآخر، فسبب قبول شفاعته - رضي الله عنه - هو كونه حِبّه - صلى الله عليه وسلم -، فتأمل، والله تعالى أعلم.

ووقع في حديث مسعود بن الأسود عند ابن ماجه بعد قوله: "تُطَهَّر خير لها، فلمّا سمعنا لِينَ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتينا أسامة"، ووقع في رواية يونس عند البخاريّ في "غزوة الفتح": "فَفَزِعَ قومُها إلى أسامة"؛ أي: لَجَؤُوا، وفي رواية أيوب بن موسى عنده أيضًا في "الشهادات": "فلم يجترئ أحد أن يكلمه إلا أسامة".

(فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ)؛ أي: كلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن المرأة أسامة - رضي الله عنه -، قال في "الفتح": وفي الكلام شيء مطويّ، تقديره: فجاؤوا إلى أسامة، فكلّموه في ذلك، فجاء أسامة إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكلّمه، ووقع في رواية يونس: "فَأَتَى بها رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكلّمه فيها"، فأفادت هذه الرواية أن الشافع يشفع بحضرة المشفوع له؛ ليكون أعذر له عنده إذا لم تُقْبَل شفاعته، وعند النسائيّ من رواية إسماعيل بن أمية: "فكلَّمه، فَزَبَره" - بفتح الزاي، والموحَّدة - أي: أغلظ له في النهي، حتى نسبه إلى الجهل؛ لأن الزبر - بفتح، ثم سكون - هو العقل، وفي رواية يونس: "فكلمه، فتَلَوَّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، زاد شعيب عند النسائيّ: "وهو يكلمه"، وفي مرسل حبيب بن أبي ثابت: "فلما أقبل أسامة، ورآه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تكلمني يا أسامة" (١).

(فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ ") بهمزة الاستفهام الإنكاريّ؛ لأنه كان سبق له منع الشفاعة في الحدّ قبل ذلك، زاد يونس، وشعيب: "فقال أسامة: استغفر لي يا رسول الله"، ووقع في حديث جابر الآتي آخر الباب عند مسلم، وهو عند النسائيّ أيضًا: "أن امرأة من بني مخزوم، سَرَقَت، فأُتي بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعاذت بأم سلمة" بذال معجمة؛ أي: استجارت، أخرجاه من طريق مَعْقِل بن عُبيد الله (٢)، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، وذكره


(١) "الفتح" ١٥/ ٥٦٥.
(٢) وقع في نسخة "الفتح" هنا غلط، ولفظه: "من طريق معقل بن يسار، عن عبيد الله، عن أبي الزبير"، والصواب: "معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير"، فتنبّه.