عمها، وإنما قال عمر بن أبي سلمة: عمتي من جهة السنّ، وإلا فهي بنت عمه، أخي أبيه، وهو كما قالت خديجة - رضي الله عنها - لورقة في قصّة المبعث: "أَيْ عَمِّ اسْمَع من ابن أخيك"، وهو ابن عمها، أخي أبيها أيضًا.
ووقع عند أبي الشيخ من طريق أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر: "أن امرأة من بني مخزوم سَرَقت، فعاذت بأسامة"، وكأنها جاءت مع قومها، فكلموا أسامة بعد أن استجارت بأم سلمة.
ووقع في مرسل حبيب بن أبي ثابت: "فاستشفعوا على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بغير واحد، فكَلَّموا أسامة" (١).
(ثُمَّ قَامَ، فَاخْتَطَبَ) افتعال من الخطبة؛ للمبالغة؛ أي: خطب خطبة بليغةً، وفي رواية يونس: "فلمّا كان العشيّ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا" (فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ) بحذف حرف النداء، وهو جائز في سعة الكلام، كما قال الحريريّ - رحمه الله - في "ملحة الإعراب":
وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"
وقال ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة":
وَغَيْرُ مَنْدُوبٍ وَمُضْمَرٍ وَمَا … جَا مُسْتَغَاثًا قَدْ يُعَرَّى فَاعْلَمَا
وَذَاكَ فِي اسْمِ الْجِنْسِ وَالْمُشَارِ لَهْ … قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ فَانْصُرْ عَاذِلَهْ
وفي رواية البخاريّ: "فقال: يا أيها الناس" بإثبات حرف النداء، وفي رواية يونس التالية: "فقام خطيبًا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعدُ".
(إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ)، وفي رواية أبن رُمح: "إنما هلك الذين من قبلكم"، وفي رواية يونس التالية: "فإنما أهلك الذين من قبلكم"، وفي رواية للبخاريّ: "إنما أضلّ من كان قبلكم"، قال في "الفتح": في رواية أبي الوليد: "هَلَكَ"، وفي رواية سفيان عند النسائيّ: "إنما هلك بنو إسرائيل".
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: الظاهر أن هذا الحصر ليس عامًّا، فإن بني إسرائيل كان فيهم أمور كثيرة تقتضي الإهلاك، فَيُحْمَل ذلك على حصر
(١) "الفتح" ١٥/ ٥٦٥ - ٥٦٦، كتاب "الحدود" رقم (٦٧٨٨).