١٢ - (ومنها): جواز الحلف من غير استحلاف، وهو مستحبّ إذا كان فيه تفخيم لأمر مطلوب، كما في هذا الحديث، ونظائره.
١٣ - (ومنها): أن من حلف على أمر، لا يتحقق أنه يفعله، أو لا يفعله، لا يحنث؛ كمن قال لمن خاصم أخاه: والله لو كنتُ حاضرًا، لهشمت أنفك، خلافًا لمن قال: يحنث مطلقًا.
١٤ - (ومنها): أن فيه جوازَ التوجُّع لمن أقيم عليه الحدّ، بعد إقامته عليه، وقد حَكَى ابن الكلبي في قصة أم عمرو بنت سفيان: أن امرأة أُسيد بن حُضير أَوَتها بعد أن قُطعت، وصَنَعت لها طعامًا، وأن أُسيدًا، ذكر ذلك للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ كالمنكر على امرأته، فقال:"رَحِمَتْها، رحمها الله".
١٥ - (ومنها): أن فيه الاعتبارَ بأحوال من مضى، من الأمم، ولا سيما من خالف أمر الشرع.
١٦ - (ومنها): أنه تمسّك به بعض من قال: إن شرع من قبلنا شرع لنا؛ لأن فيه إشارةً إلى التحذير من فعلِ الشيء الذي جَرَّ الهلاك إلى الذين من قبلنا؛ لئلا نهلك كما هلكوا، وفيه نظر، وإنما يتم أن لو لم يَرِد قطع السارق في شرعنا، وأما اللفظ العام فلا دلالة فيه على المدعى أصلًا، ذكر هذا كلّه في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: مسألة "شرعُ من قبلنا شرع لنا" قد تقدّم البحث عنها غير مرّة، وأن هذا هو الأرجح، وهو الذي جرى عليه البخاريّ، ومسلم، بل والمحدّثون عمومًا في مؤلفاتهم، حيث يبوّبون أبوابًا، ولا يوردون في ذلك الباب إلا حديثًا يتعلّق بذكر بني إسرائيل؛ كقول البخاريّ في "كتاب الأدب" من "صحيحه": "باب رحمة الناس، والبهائم"، ثم أورد فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجل يمشي بطريق، اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا، فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغ بي، فنزل البئر، فملأ خفه، ثم أمسكه بفيه، فسقى الكلب، فشكر الله له،