للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُنتهِب قَطْع"، وهو حديث قويّ، أخرجه الأربعة، وصححه أبو عوانة، والترمذيّ، من طريق ابن جُريج، عن أبي الزبير، عن جابر، رفعه، وصرَّح ابن جريج في رواية النسائي، بقوله: "أخبرني أبو الزبير"، ووَهَّم بعضهم هذه الرواية، فقد صرَّح أبو داود، بأن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير، قال: وبلغني عن أحمد، إنما سمعه ابن جريج من ياسين الزيات، ونقل ابن عدي في "الكامل" عن أهل المدينة أنهم قالوا: لم يسمع ابن جريج من أبي الزبير، وقال النسائي: رواه الحفاظ من أصحاب ابن جريج عنه، عن أبي الزبير، فلم يقل أحد منهم: أخبرني، ولا أحسبه سمعه.

قال الحافظ: لكن وُجد له متابع عن أبي الزبير، أخرجه النسائي أيضًا، من طريق المغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، لكن أبو الزبير مدلس أيضًا، وقد عنعنه عن جابر، لكن أخرجه ابن حبان من وجه آخر، عن جابر بمتابعة أبي الزبير، فَقَوِيَ الحديث.

وقال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله - بعد أن ذكر كلام النسائيّ المتقدّم - ما نصّه: فإن ترجّح أن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير، فقد تابعه عليه مغيرة بن مسلم، فرواه عن أبي الزبير كذلك، ورواه النسائيّ من طريقه، وقولُ ابن حزم: مغيرة بن مسلم ليس بالقويّ، مردود، فقد وثّقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وابن حبّان، والدارقطنيّ، وقد تابع أبا الزبير عليه عمرو بن دينار، رواه ابن حبّان في "صحيحه" من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، وعمرو بن دينار، عن جابر - رضي الله عنه -، فذكره، وهذا يردّ على قول ابن حزم في "الإيصال": إنه لم يروه أحد من الناس إلا أبو الزبير، عن جابر، فظهر بما قرّرناه قوّة هذا الحديث، وصلاحيته للاحتجاج به، ثم إننا نقيس المختلَف فيه من ذلك على المتّفَق عليه، فإن أحمد يجزم بعدم القطع على الخائن في العارية بغير الجحد، وعلى الخائن في الوديعة، وعلى المنتهب، والمختلس، والغاصب، فلم يقل أحد بالقطع في الجحد مطلقًا. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (١).


(١) "طرح التثريب" ٦/ ٢٠٨.