للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ: والبكر: خلاف الثيّب رجلًا كان، أو امرأةً، وهو الذي لم يتزوّج، وعليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام"، والمعنى: زنا البكر بالبكر فيه جلد مائة، أو حدُّه جلد مائة، والجمع أبكار، مثلُ حِمْل وأحمال.

قال: وقيل للإنسان إذا تزوّج: ثيّبٌ، وهو فَيْعِلٌ اسم فاعل، من ثاب: إذا رجع، وإطلاقه على المرأة أكثر؛ لأنها ترجع إلى أهلها بوجه غير الأول، ويستوي فيه الذكر والأنثى، كما يقال: أَيِّمٌ، وبِكْرٌ للذكر والأنثى، وجمْع المذكّر: ثَيِّبون بالواو والنون، وجمْع المؤنّث: ثيّبات، والمولَّدون يقولون: ثُيَّبٌ، وهو غير مسموع، وأيضًا ففَيعِلٌ لا يُجمع على فُعَّل. انتهى (١).

وقال النوويّ - رحمه الله -: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر، والثيب بالثيب": فليس هو على سبيل الاشتراط، بل حدّ البكر الجلد، والتغريب، سواء زنى ببكر، أو ثيّب، وحدّ الثيّب الرجم، سواء زنى بثيّب، أو ببكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب.

قال: واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء من لم يجامِع في نكاح صحيح، وهو حرّ، بالغٌ، عاقلٌ، سواء كان جامَعَ بوطءِ شبهة، أو نكاح فاسد، أو غيرهما، أم لا، والمراد بالثيب مَن جامع في دهره مرّة، من نكاح صحيح، وهو بالغٌ، عاقلٌ، حرّ، والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في كلّ هذا المسلم، والكافر، والرشيد، والمحجور عليه لِسَفَه، والله أعلم. انتهى (٢).

(وَنَفْيُ سَنَةٍ)؛ أي: طَرْده، وإبعاده عن البلد سنةً حتى يستوحش، ويذوق مرارة فراق أهله، وأصحابه؛ عقوبةً لجنايته، (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ) إعرابه كسابقه؛ أي: زنا الثيّب بالثيّب (جَلْدُ مِائَةٍ).

(وَالرَّجْمُ")؛ أي: رميه بالحجارة، يقال: رجمته، من باب نصر: ضربته بالرَّجَمِ، بفتحتين، وهي الحجارة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٥٩. مادة: (بكر)، و ١/ ٨٧ مادة: (ثاب).
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٩٠.