الرجوع عن إقراره، بخلافها، فكأنها قالت: أنا غير متمكنة من الإنكار بعد الإقرار؛ لظهور الحمل بها بخلافه.
وتُعُقِّب بأنه كان يمكنها أن تَدَّعي إكراهًا، أو خطأً، أو شبهةً.
والحاصل أن ما ذهب إليه الجمهور من عدم اشتراط أربع مرّات في الإقرار لا يخفى قوّته، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
١١ - (ومنها): أن الإمام لا يُشترط أن يبدأ بالرجم فيمن أقرّ، وإن كان ذلك مستحبًّا؛ لأن الإمام إذا بدأ مع كونه مأمورًا بالتثبت، والاحتياط فيه كان ذلك أدعى إلى الزجر عن التساهل في الحكم، وإلى الحضّ على التثبت في الحكم، ولهذا يبدأ الشهود إذا ثبت الرجم بالبينة.
١٢ - (ومنها): جواز تفويض الإمام إقامة الحد لغيره.
١٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أنه لا يُشترط الحفر للمرجوم؛ لأنه لم يُذْكَر في حديث الباب، بل وقع التصريح في حديث أبي سعيد الآتي:"قال: فما حفرنا له، ولا أوثقناه"، ولكن وقع في حديث بريدة الآتي:"فحُفِر له حفيرة".
ويمكن الجمع بأن المنفي حَفِيرة لا يمكنه الوثوب منها، والمثبت عكسه، أو أنهم في أول الأمر لم يحفروا له، ثم لما فَرّ، فأدركوه حفروا له حفيرة، فانتصب لهم فيها حتى فرغوا منه، وعند الشافعية: لا يُحفر للرجل، وفي وجهٍ: يتخير الإمام، وهو أرجح؛ لثبوته في قصة ماعز، فالمثبِت مقدم على النافي، وقد جُمِع بينهما بما دلّ على وجود حَفْر في الجملة، وفي المرأة أَوْجُه: ثالثها الأصحّ: إن ثبت زناها بالبينة استُحِب، لا بالإقرار، وعن الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم: لا يُحفر، وقال أبو يوسف، وأبو ثور: يُحفر للرجل وللمرأة.
١٤ - (ومنها): جواز تلقين المقرّ بما يوجب الحدّ ما يدفع به عنه الحدّ، وأن الحد لا يجب إلا بالإقرار الصريح، ومن ثم شُرِط على من شهد بالزنا أن يقول: رأيته وَلَج ذَكَره في فرجها، أو ما أشبه ذلك، ولا يكفي أن يقول: أشهد أنه زَنَا، وثبت عن جماعة من الصحابة تلقين المقرّ بالحدّ، كما أخرجه مالك عن عمرو بن أبي شيبة، عن أبي الدرداء، وعن عليّ في قصة شراحة، ومنهم من خَصّ التلقين بمن يُظَنّ به أنه يَجهل حكم الزنا، وهو قول أبي ثور، وعند