وفي رواية عطاء الخراساني:"قال: فمتى الساعة؟ قال: هي في خمس من الغيب، لا يعلمها إلا الله".
وقال القرطبيّ: قوله: "في خمس إلخ": فيه حذف، وتوسّعٌ: أي: هي من الخمس التي قد انفرد الله بعلمها، أو في عددهنّ، فلا مطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمس، ولقوله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو}[الأنعام: ٥٩]، فلا طريق لعلم شيء من ذلك، إلا أن يُعْلِم الله تعالى بذلك، أو بشيء منه أحدًا ممن شاءه، كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)} [الجن: ٢٦ - ٢٧]، فمن ادّعى علم شيء من هذه الأمور كان في دعواه كاذبًا، إلا أن يُسند ذلك إلى رسول بطريق تفيد العلم القطعيّ، ووجود ذلك متعذّر، بل ممتنع، وأما ظنّ الغيب، فلم يتعرّض شيء من الشرع لنفيه، ولا لإثباته، فقد يجوز أن يظنّ المنجّم، أو صاحب خطّ الرمل، أو نحو هذا شيئًا مما يقع في المستقبل، فيقع على ما ظنّه، فيكون ذلك ظنًّا صادقًا، إذا كان عن موجب عاديّ يقتضي ذلك الظنّ، وليس بعلم، فيُفهم هذا منه، فإنه موضع غَلِطَ بسببه رجالٌ، وأُكلت به أموالٌ.
[ثم اعلم]: أن أخذ الأجرة، والْجُعْل، وإعطائها على ادّعاء علم الغيب، أو ظنّه لا يجوز بالإجماع، على ما حكاه أبو عمر بن عبد البرّ. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وجاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: أُوتي نبيكم - صلى الله عليه وسلم - علم كل شيء، سوى هذه الخمس. وعن ابن عمر مرفوعًا نحوه، أخرجهما أحمد. وأخرج حميد بن زنجويه، عن بعض الصحابة، أنه ذُكر العلم بوقت الكسوف قبل ظهوره، فأنكر عليه، فقال: إنما الغيب خمس، وتلا هذه الآية، وما عدا ذلك غيب، يعلمه قوم، ويجهله قوم.
[تنبيه]: تضمن الجواب زيادة على السؤال، للاهتمام بذلك، إرشادًا للأمة، لما يترتب على معرفة ذلك من المصلحة.
[فإن قيل]: ليس في الآية أداة حصر، كما في الحديث؟ أجاب الطيبي