للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كقولك: عن قريب (١)، قاله الطيبيّ، وقال القاري: والأظهر غير مكان بعيد، أو رجوعًا غير بعيد، بمعنى غيبة غير بعيدة. انتهى (٢). (ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ طَهِّرْنِي، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَيْحَكَ، ارْجِعْ، فَاسْتَغْفِرِ اللهَ، وَتُبْ إِلَيْهِ"، قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله طَهِّرْنِي، فَقَالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ)؛ أي: حتى إذا وقعت المرة الرابعة، فـ "كان" هنا تامّة، (قَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ ") قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا في جميع النسخ "فيم" بالفاء، والياء، وهو صحيح، وتكون "في" هنا للسببيّة؛ أي: بسبب ماذا أُطهّرك؟. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "فيم أُطهّرك؟ " وفي نُسخ "المصابيح": "مما أطهّرك؟ "، والرواية الأولى في "صحيح مسلم"، و"كتاب الحميديّ"، ثم ذكر كلام النوويّ المذكور، ثم قال: أقول: "ما" يُسأل بها عن عموم الأحوال، و"من" الابتدائيّة في الجواب مضمَّنة معنى السبب؛ لأنها لإنشاء الابتداء، فخُصّت "ما" به؛ لتطابقها؛ كأنه قيل: في أيّ سبب أُطهّرك؟، فأجاب بسبب الزنا، ونظيره في المعنى قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} الآية [المؤمنون: ٨٦، ٨٧]؛ لأن في قوله: {مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ} معنى المالكيّة؛ كأنه قيل: لمن السماوات والأرض؟. انتهى (٤).

(فَقَالَ) وفي بعض النسخ: "قال" بحذف الفاء، (مِنَ الزِّنَى، فَسَأَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: قومه ("أَبِهِ جُنُونٌ؟ "، فَأُخْبِرَ) بالبناء للمفعول (أَنَّهُ لَيْسَ بمَجْنُونٍ، فَقَالَ: "أَشَرِبَ خَمْرًا؟ "(فَقَامَ رَجُلٌ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه. انتهى (٥). (فَاسْتَنْكَهَهُ)؛ أي: شمّ رائحة فمه، قال الجوهريّ - رحمه الله -: استنكهتُ الرجلَ، فَنَكَهَ في وجهي يَنْكِهُ - بالكسر، ويَنْكَهُ - بالفتح - نَكْهًا: إذا أمرتَه بأن يَنكِهَ؛ لتَعلَم أشارب هو أم غير شارب؟ والنَّكْهة ريح الفم. انتهى (٦).


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥١٦ - ٢٥١٧.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٧/ ١٤١.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٠٠.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥١٧.
(٥) "تنبيه المعلم" ص ٢٩٣.
(٦) "الصحاح" ص ١٠٦٩.