للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: نَكَهَ الرجلُ على زيد، ونَكَهَ له نَكْهًا، من بابي نَفَعَ، وضَرَبَ: إذا تنفّس على أنفه، ونَكَهَهُ نَكْهًا، يتعدّى بنفسه أيضًا: إذا فَعَلَ ذلك؛ ليَشُمَّ ريح فمه؛ ليَعْلَمَ هل شَرِب أم لا؟، واستنكهه كذلك، والنَّكْهَةُ، مثلُ تَمرة: اسم منه. انتهى (١).

(فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ) قال النوويّ - رحمه الله -: مذهبنا الصحيح المشهور صحة إقرار السكران، ونفوذ أقواله فيما له وعليه، والسؤال عن شربه الخمر محمول عندنا أنه لو كان سكران لم يُقَم عليه الحدّ، قال: واحتجّ أصحاب مالك، وجمهور الحجازيين أنه يُحَدّ من وُجِد منه ريح الخمر، وإن لم تَقُم عليه بيّنة بشربها، ولا أقرّ به، ومذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة، وغيرهما: لا يُحَدّ بمجرد ريحها، بل لا بدّ من بيّنة على شُربه، أو إقراره، وليس في هذا الحديث دلالة لأصحاب مالك. انتهى (٢).

(قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَزَنَيْتَ؟ "، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ)؛ أي: بعد إقراره أربع مرّات، كما سبق في الروايات، (فَرُجِمَ) بالبناء للمفعول، (فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ: قَائِلٌ يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ، لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ) "ما" حجازيّة تعمل عمل "ليس"، و"توبة" اسمها مرفوع، و"أفضل" خبرها منصوب، قال في "الخلاصة":

إِعْمَالَ "لَيْسَ" أُعْمِلَتْ "مَا" دُونَ "إِنْ" … مَعَ بَقَا النَّفْي وَتَرْتِيبٍ زُكِنْ

ويَحْتَمِلُ أن تكون تميميّة، فيرتفع ما بعدها على أنه مبتدأ وخبر، كما قال قائلهم:

وَمُهَفْهَفِ الأَعْطَافِ قُلْتُ لَهُ انْتَسِبْ … فَأَجَابَ مَا قَتْلُ الْمُحِبِّ حَرَامُ

وقوله: (مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ) صلة "أفضل" (أَنَّهُ) يَحْتَمل كسر الهمزة، على أن الجملة تعليليّة، ويَحْتَمل فتحه على تقدير حرف التعليل؛ أي: لأنه (جَاءَ إِلَى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ، قَالَ: فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاَثَةً)؛ أي: بعد رجمه (ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَهُمْ جُلُوسٌ) جملة حاليّة، (فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ" أي: اطلبوا له


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٠٠ - ٢٠١.