للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أهل الحجاز التي جاء بها القرآن، قال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢]، ويُمدّ في لغة أهل نجد، قال الفرزدق [من الطويل]:

أَبَا طَاهِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِنَاؤُهُ … وَمَنْ يَشَرَبِ الْخُطُومَ يُصْبِحْ مُسَكَّرَا

بفتح الكاف، وتشديدها من السُّكر، والْخُطوم من أسماء الخمر (١).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("آنْتِ؟ ") بتقدير همزة الاستفهام، وهو مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: أأنت زانية؟ (قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهَا: "حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ" أي: اصبري إلى أن تلدي، قال الطيبيّ - رحمه الله -: غاية لجواب قولها: طهّرني؛ أي: لن أطهّرك حتى تضعي ما في بطنك (٢).

قال النوويّ - رحمه الله -: فيه أنه لا تُرْجَم الحبلى حتى تضع، سواء كان حملها من زنا، أو غيره، وهذا مجمَع عليه؛ لئلا يُقْتَل جنينها، وكذا لو كان حدّها الجَلد، وهي حامل لم تُجلَد بالإجماع حتى تضع.

وفيه أن المرأة تُرْجَم إذا زنت، وهي محصَنة، كما يُرجَم الرجل، وهذا الحديث محمول على أنها كانت محصنة؛ لأن الأحاديث الصحيحة، والإجماع متطابقان على أنه لا يُرجَم غير المحصن.

وفيه أن من وجب عليها قِصاص، وهي حامل، لا يُقتصّ منها حتى تضع، وهذا مجمع عليه، ثم لا تُرجم الحامل الزانية، ولا يقتصّ منها بعد وَضْعها حتى تَسْقِي ولدها اللَّبَنَ، ويستغني عنها بلبن غيرها.

وفيه أن الحمل يُعْرَف، ويُحكَم به، وهذا هو الصحيح في مذهبنا. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (٣).

(قَالَ: فَكَفَلَهَا) بفتح الفاء الخفيفة، من باب نصر؛ أي: قام بمؤنتها، ومصالحها، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: كَفَلْتُ بالمال، وبالنفس كَفلًا، من باب قَتَلَ، وكُفُولًا أيضًا، والاسم: الكَفَالَةُ، وحَكَى أبو زيد سماعًا من العرب، من بابي تَعِبَ، وقَرُبَ، وحَكَى ابن القطّاع: كَفَلتُهُ، وكَفَلتُ به، وعنه: إذا تَحَمَّلتَ به، ويتعدَّى إلى مفعول ثان بالتضعيف، والهمزة، فَتَحْذِفُ الحرفَ فيهما، وقد يثبت


(١) "مرقاة المفاتيح" ٧/ ١٤٢.
(٢) "الكاشف" ٨/ ٢٥١٨.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٠١.