وتَرْك رفع صوته، إن كان الأول رفعه، وتأكيده السؤال على فقهه، وقد ورد:"أن حسن السؤال نصف العلم"، وأورده ابن السنيّ في "كتاب رياضة المتعلمين" حديثًا مرفوعًا بسند ضعيف. انتهى.
(نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللهِ) وفي رواية مالك: "فقال: أجل"، وفي رواية ابن أبي ذئب، وشعيب:"فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله"، (وَائْذَنْ لِي) زاد ابن أبي شيبة، عن سفيان:"حتى أقول"، وفي رواية مالك:"أن أتكلم"، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قُلْ")؛ أي: تكلّم بما تشاء، وفي رواية مالك:"قال: تكلّم". (قَالَ) ظاهر السياق أن القائل هو الثاني، وجزم الكرمانيّ بأن القائل هو الأول، واستَنَد في ذلك بما وقع عند البخاريّ في "كتاب الصلح" عن آدم، عن ابن أبي ذئب:"فقال الأعرابيّ: إن ابني" بعد قوله في أول الحديث: "جاء أعرابيّ"، وفيه:"فقال خصمه"، قال الحافظ: وهذه الزيادة شاذّة، والمحفوظ ما في سائر الطرق، وكذا وقع في "الشروط" عن عاصم بن عليّ، عن ابن أبي ذئب، موافقًا للجماعة، ولفظه:"فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني. . . إلخ"، فالاختلاف فيه على ابن أبي ذئب، وقد وافق آدمَ أبو بكر الحنفيّ، عند أبي نعيم في "المستخرج"، ووافق عاصمًا يزيد بن هارون، عند الإسماعيليّ.
(إِنَّ ابْنِي) زاد في رواية البخاري: "هذا"، فقال في "الفتح": فيه أن الابن كان حاضرًا، فأشار إليه، وخلا معظم الروايات عن هذه الإشارة. انتهى. (كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا) هذه الإشارة الثانية لخصم المتكلِّم، وهو زوج المرأة، زاد شعيب في روايته:"والعسيف الأجير"، وهذا التفسير مُدْرَج في الخبر، وكأنه من قول الزهريّ؛ لِمَا عُرِف من عادته أنه كان يُدخل كثيرًا من التفسير في أثناء الحديث، وقد فصله مالك، فوقع في سياقه:"كان عسيفًا على هذا". قال مالك: والعسيف: الأجير، وحَذَفها سائر الرواة، و"الْعَسِيف" بمهملتين كالأجير وزنًا، ومعنى، والجمع عُسَفاء كأجراء، ويُطلق أيضًا على الخادم، وعلى العبد، وعلى السائل، وقيل: يُطلق على من يُستهان به، وفسَّره عبد الملك بن حبيب بالغلام الذي لم يَحتلم، وإن ثبت ذلك فإطلاقه على صاحب هذه القصة باعتبار حاله في ابتداء الاستئجار.