للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للوجوب؛ لأن الأمر بالجَلد واجب، والأمر بالبيع مندوب عند الجمهور، خلافًا لأبي ثور، وأهل الظاهر، وادَّعَى بعض الشافعية أن سبب صرف الأمر عن الوجوب، أنه منسوخ، وممن حكاه ابن الرفعة في "المطلب"، ويحتاج إلى ثبوت.

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله أبو ثور، وأهل الظاهر من وجوب البيع هو الظاهر؛ لأنه جاء بصيغة الأمر، وهو للوجوب إلا لصارف، ولا يوجد هنا صارف، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقال ابن بطال: حَمَلَ الفقهاء الأمر بالبيع على الحضّ على مباعدة من تكرر منه الزنا؛ لئلا يظن بالسيد الرضا بذلك، ولِمَا في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، قال: وحَمَله بعضهم على الوجوب، ولا سلف له من الأمة، فلا يُشتغل به، وقد ثبت النهي عن إضاعة المال، فكيف يجب بيع الأمة ذات القيمة بحبل من شعر، لا قيمة له؟ فدلّ على أن المراد: الزجر عن معاشرة من تكرر منه ذلك.

قال الجامع عفا الله عنه: عجيب قول ابن بطال: "فلا يُشتغل به"، كيف لا يُشتغل به، وقد أيّده النصّ الصريح؟ وأما ما ظنّه أنه من إضاعة المال، فليس كذلك، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقال في "الفتح" - بعد ذكر كلام ابن بطال المذكور -: وتُعُقِّب بأنه لا دلالة فيه على بيع الثمين بالحقير، وإن كان بعضهم قد استدلّ به على جواز بيع المطلق التصرف ما له بدون قيمته، ولو كان بما يتغابن بمثله، إلا أن قوله: "ولو بحبل من شعر" لا يراد به ظاهره، وإنما ذُكر للمبالغة، كما وقع في حديث: "من بنى لله مسجدًا، ولو كمَفْحص قَطَاة" على أحد الأجوبة؛ لأن قَدر المفحص لا يسع أن يكون مسجدًا حقيقة، فلو وقع ذلك في عين مملوكة للمحجور، فلا يبيعها وليّه إلا بالقيمة، ويَحْتَمِل أن يَطَّرِد؛ لأن عيب الزنا تنقص به القيمة عند كل أحد، فيكون بيعها بالنقصان بيعًا بثمن المِثْل، نبّه عليه القاضي عياض، ومن تبعه.

وقال ابن العربيّ: المراد من الحديث: الإسراع بالبيع، وإمضاؤه، ولا يتربص به طلبَ الراغب في الزيادة، وليس المراد بيعه بقيمة الحَبْل حقيقةً. وفيه