للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من غسل، ووضوء، وتيمم، وإذا أسلم صَلَّى بها. انتهى كلام النوويّ.

ونقل القرطبيّ عن الحربيّ أنه قال: معنى "أسلمت على ما سلف لك": يعني أن ما تقدّم لك من الخير الذي عملته هو لك، كما تقول: أسلمتَ على ألف درهم: أي على أن أحرزها لنفسه.

قال القرطبيّ: هذا الذي قاله الحربيّ هو أشبهها، وأولاها، وهو الذي أشرنا إليه في الترجمة: أي حيث قال: "باب الإسلام إذا حَسُنَ هَدَم ما قبله من الآثام، وأحرز ما قبله من البرّ". انتهى (١).

وقال الأبيّ: يُحمل الحديث على ظاهره من إثابة الكافر، وإليه ذهب ابن بطّال، واحتجّ بحديث أخرجه الدارقطنيّ، ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - المذكور، ثم قال: الحديث نصّ في القضيّة، وهو تفسير لما في الأمّ (٢). انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي حقّقه ابن بطال، وأقرّه عليه النوويّ، والأبيّ، وكذا القرطبيّ تبعًا للحربيّ هو الحقّ الذي لا محيد عنه؛ لظاهر حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - فلا ينبغي الالتفات إلى التأويلات المخالفة له المعارضة لظواهر النصوص، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، فإنه ملجأ البليد، ومُستراح العنيد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (وَالتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ) تفسير من بعض الرواة، والظاهر أنه من ابن شهاب؛ لأنه معروفٌ بهذا، وفسّره في الرواية الآتية: بالتبرّر، وهو فعل البرّ، وهو الطاعة، قال أهل اللغة: أصل التحنّث أن يفعل فِعْلًا، يخرج به من الْحِنْث، وهو الإثم، وكذا تَأَثَّم، وتَحَرَّج، وتَهَجَّد: أي فَعَل فعلًا يخرج به عن الإثم، والْحَرَج، والْهُجُود، قاله النوويّ (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المفهم" ١/ ٣٣٢.
(٢) يعني حديث حكيم بن حزام الذي أخرجه مسلم هنا في "صحيحه".
(٣) "شرح الأبيّ" ١/ ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٤) "شرح النوويّ" ٢/ ١٤٢.