للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الوَجْد، وله معان، اللائق منها هنا الحزن، وقوله: "فيموت" مسبَّب عن "أقيم"، وقوله: "فأجد" مسبَّب عن السبب والمسبب معًا. انتهى (١).

وقوله: (فِي نَفْسِي) متعلّق بـ "أَجِدَ"، (إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ)؛ أي: شاربها، وهو بالنصب، ويجوز الرفع، والاستثناء منقطع؛ أي: لكن أجد مِن حدّ شارب الخمر إذا مات، ويَحْتَمِل أن يكون التقدير: ما أجد من موت أحد يقام عليه الحدّ شيئًا، إلا من موت شارب الخمر، فيكون الاستثناء على هذا متصلًا، قاله الطيبيّ (٢).

(لأنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) بتخفيف الدال؛ أي: غَرِمتُ ديته لمن يستحقّ قبضها، وقد جاء مفسرًا من طريق أخرى أخرجها النسائيّ، وابن ماجه، من رواية الشعبيّ، عن عمير بن سعيد، قال: سمعت عليًّا يقول: "من أقمنا عليه حدًّا فمات، فلا دية له، إلا من ضربناه في الخمر".

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "لأنه إن مات وديته": قال بعض العلماء: وجه الكلام أن يقال: "فإنه إن مات وديته" بالفاء، لا باللام، وهكذا هو في رواية البخاريّ بالفاء. انتهى (٣).

وقوله: (لأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ) تعليل لأدائه الدية لمن مات مِن حدّ الشرب، يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَسُنّ فيه عددًا معيّنًا، وفي رواية شريك: "فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستنّ فيه شيئًا"، ووقع في رواية الشعبيّ: "فإنما هو شيء صنعناه".

قال النوويّ رحمه الله: أجمع العلماء على أن من وجب عليه الحدّ، فجَلَده الإمام، أو جَلّاده الحدَّ الشرعيَّ، فمات فلا دية فيه، ولا كفارة، لا على الإمام، ولا على جلّاده، ولا في بيت المال، وأما من مات من التعزير فمذهبنا وجوب ضمانه بالدية، والكفارة، وفي محل ضمانه قولان للشافعيّ: أصحهما تجب ديته على عاقلة الإمام، والكفارة في مال الإمام، والثاني تجب الدية في


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٤٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٤٣.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ٢٢١.