[المائدة: ٣٤]، والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا، ولذلك قُيِّدت بالقدرة عليه، قاله في "الفتح"(١).
٥ - (ومنها): أن آخر الحديث يدلّ على أن الله لا يجب عليه عقاب عاص، وإذا لم يجب عليه هذا لا يجب عليه ثواب مطيع أصلًا؛ إذ لا قائل بالفصل.
٦ - (ومنها): أن معنى قوله: "فهو إلى الله"، أي: حُكمه من الأجر والعقاب مفوَّض إلى الله تعالى، وهذا يدل على أن من مات من أهل الكبائر قبل التوبة إن شاء الله عفا عنه، وأدخله الجنة أوَّل مرة، وإن شاء عذبه في النار، ثم يدخله الجنة، وهذا مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، وقالت المعتزلة: صاحب الكبيرة إذا مات بغير التوبة لا يُعْفَى عنه، فيُخَلَّد في النار، وهذا الحديث حجة عليهم.
٧ - (ومنها): ما قال الطيبيّ رحمه الله: فيه إشارة إلى الكفّ عن الشهادة بالنار على أحد، وبالجنة لأحد إلا من ورد النص فيه بعينه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قال القاضي عياض رحمه الله: ذهب أكثر العلماء أن الحدود كفاراتٌ، واستدلوا بهذا الحديث، ومنهم مَن وَقَفَ؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا أدري، الحدود كفارة لأهلها أم لا؟ "، لكن حديث عبادة أصحّ إسنادًا.
ويمكن - يعني: على طريق الجمع بينهما - أن يكون حديث أبي هريرة وَرَد أوّلًا قبل أن يُعْلِمه الله، ثم أعلمه بعد ذلك.
قال الحافظ رحمه الله: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه الحاكم في "المستدرك"، والبزار، من رواية معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، وذكر الدارقطنيّ أن عبد الرزاق تفرّد بوصله، وأن هشام بن يوسف رواه عن معمر، فأرسله.