للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القتل بالأولاد؛ لأنه قتلٌ وقطيعةُ رَحِمٍ، فالعناية بالنهي عنه آكد، ولأنه كان شائعًا فيهم، وهو وأد البنات، وقتل البنين؛ خشيةَ الإملاق، أو خصَّهم بالذِّكر؛ لأنهم بصدد أن لا يَدفعوا عن أنفسهم. انتهى (١).

وقوله: (وَلَا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا) - بفتح الياء، والضاد المعجمة -؛ أي: لا يَسْحَر، وقيل: لا يأتي ببهتان، وقيل: لا يأتي بنميمة، قاله النوويّ.

وقال المجد رحمه الله: وعَضَهَ، كمَنَعَ عَضْهًا، ويُحرَّك، وعَضِيهةً، وعِضْهَةً بالكسر: كَذَبَ، وسَحَرَ، ونَمَّ، والبعيرُ عَضْهًا: أكل الْعِضَاهَ، وكَفِرحَ: اشتكى مِنْ أَكْلها، أو رعاها، وجاء بالإفك، والبُهتان، كأَعْضَه، وفلانًا: بَهَته، وقال فيه ما لم يكن. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "ولا يَعْضَهَ بعضُنا بعضًا" هكذا رواية الجماعة، وقيل: فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه السِّحر؛ أي: لا يسحر بعضنا بعضًا، والعَضْهُ، والعَضِيهَة: السِّحر. والعاضِهُ: السَّاحر. والعاضِهَةُ: السَّاحرة.

والثاني: أنَّه النَمِيمَة والكذب.

والثالث: البُّهْتان.

قال: وهذه الثلاثة متقاربة في المعنى؛ لأنَّ الكل كذبٌ وزور. ويقال لكلِّها عَضْةٌ، وعَضِيهةٌ. ويُصَرَّف فعلها كما سبق، وقد روى العذري هذه اللفظة: "ولا يَعْضِي بعضنا بعضًا" - بالياء مكان الهاء - على وزن: يقضي، ويكون من التعضية، وهي التفريق والتجزئة. ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١]، قال ابن عباس: فرَّقوه فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعض. وعلى هذا: فيكون عضين: جمع عِضَه. يكون منقوضًا؛ لأنَّ أصله: عِضْوةٌ، فحذفوا الواو، ونقلوا حركتها إلى الساكن قبلها، كما فعلوه في عِزَةٍ، فيكون معناه في الحديث: لا تَكْذب عليه فتبهته بأنواع من البهتان والكذب، فتفرّقها عليه في أوقات، وتنسبها إليه في حالات. ورواية الجماعة أوضح. انتهى (٣).


(١) "الفتح" ١/ ١٢٥ رقم (١٨).
(٢) "القاموس المحيط" ص ٨٨٣.
(٣) "المفهم" ٥/ ١٤٠.