للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الواجب فيه الزكاة، كما هو قول الجمهور؛ لأنَّ الحديث فرَّق بينهما، فجعل لكلّ منهما حُكمًا ليس للآخر، فلا يكون أحدهما بمعنى الآخر، كما سيأتي بيان ذلك قريبًا، فتنبّه.

(وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ") "الركاز" - بكسر الراء، وتخفيف الكاف، وآخره زاي -: المال المدفون، مأخوذ من الرَّكْز - بفتح الراء - يقال: رَكَزه يَرْكُزُه رَكْزًا - من باب نصر -: إذا دفنه، فهو مركوز، قاله في "الفتح" (١).

فقوله: (الْخُمْسُ) مبتدأ مؤخّر، خبره الجارّ والمجرور قبله؛ أي: الخمس واجب في الموجود في القرية الغير العامرة، وفي الكنوز التي دفنها أهل الجاهليّة، وإنما وجب الخمس فيهما لكثرة نفعهما، وسُهولة أخذهما.

وقال في "الفتح": ذهب الجمهور إلى أن الركاز هو المال المدفون، لكن حصره الشافعية فيما يوجد في الموات، بخلاف ما إذا وجده في طريق مسلوك، أو مسجد فهو لقطة، وإذا وجده في أرض مملوكة، فإن كان المالك الذي وجده فهو له، وإن كان غيره فإن ادَّعاه المالك فهو له، وإلا فهو لمن تلقاه عنه إلى أن ينتهي الحال إلى من أحيى تلك الأرض، قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد - رحمه الله -: من قال من الفقهاء بأن في الركاز الخمس إما مطلقًا، أو في أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث، وخصّه الشافعيّ أيضًا بالذهب والفضة، وقال الجمهور: لا يختص، واختاره ابن المنذر، واختلفوا في مصرفه، فقال مالك، وأبو حنيفة، والجمهور: مصرفه مصرف خُمس الفيء، وهو اختيار المزنيّ، وقال الشافعيّ في أصح قوليه: مصرفه مصرف الزكاة، وعن أحمد روايتان، وينبني على ذلك ما إذا وجده ذميّ فعند الجمهور يُخرج منه الخمس، وعند الشافعيّ لا يؤخذ منه شيء، واتفقوا على أنَّه لا يشترط فيه الحول، بل يجب إخراج الخمس في الحال، وأغرب ابن العربيّ في "شرح الترمذيّ، فحَكَى عن الشافعيّ الاشتراط، ولا يُعرف ذلك في شيء من كُتبه، ولا من كُتب أصحابه. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ٤/ ٣٦١.
(٢) "الفتح" ٤/ ٣٦٣ - ٣٦٤، كتاب "الزكاة" رقم (١٤٩٩).