ماله، وأقواله، وأفعاله، وأخلاقه من الحقوق اللازمة فيها، ونهي عن استدعاء ما لا يجب عليهم من الحقوق، وتكليفه إياهم بالقيام بما لا يجب عليهم، وهذا من أسمج الخلال. انتهى (١).
(وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا)؛ أي: ثلاث خصال (قِيلَ وَقَالَ) في رواية: "وكان ينهى عن قيل وقال"، قال في "الفتح": كذا للأكثر في جميع المواضع بغير تنوين، ووقع في رواية الكشميهنيّ هنا:"قيلًا، وقالًا"، والأول أشهر، وفيه تعقُّب على من زعم أنه جائز، ولم تقع به الرواية.
قال الجوهريّ:"قيل، وقال" اسمان، يقال: كثير القيل والقال، كذا جزم بأنهما اسمان، وأشار إلى الدليل على ذلك بدخول الألف واللام عليهما.
وقال ابن دقيق العيد: لو جمانا اسمين بمعنى واحد كالقول، لَمْ يكن لِعَطف أحدهما على الآخر فائدة، فأشار إلى ترجيح الأول.
وقال المحب الطبريّ: في "قيل وقال" ثلاثة أوجه:
أحدها: أنهما مصدران للقول، تقول: قلت قولًا، وقيلًا، وقالًا، والمراد في الأحاديث: الإشارة إلى كراهة كثرة الكلام؛ لأنَّها تؤول إلى الخطأ، قال: وإنما كرره للمبالغة في الزجر عنه.
ثانيها: إرادة حكاية أقاويل الناس، والبحث عنها؛ ليُخبِر عنها، فيقول: قال فلان كذا، وقيل كذا، والنهي عنه إما للزجر عن الاستكثار منه، وإما لشيء مخصوص منه، وهو ما يكرهه المحكيّ عنه.
ثالثها: أن ذلك في حكاية الاختلاف في أمور الدِّين، كقوله: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، ومحل كراهة ذلك أن يُكثِر من ذلك، بحيث لا يؤمَن مع الإكثار من الزلل، وهو مخصوص بمن ينقل ذلك من غير تثبت، ولكن يقلّد من سمعه، ولا يحتاط له.
قال الحافظ: ويؤيد ذلك الحديث الصحيح: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدِّث بكل ما سمع"، أخرجه مسلم.
وفي "شرح المشكاة": قوله: "وكَرِهَ" بكسر الراء، وفي نسخة بتشديدها،