ليست أهلًا للحضور في محافل الرجال، ولا تُقبل شهادتها، ولو كان معها ألف امرأة مثلها، ما لَمْ يكن معهنّ رجل، وقد نبَّه الله تعالى على ضلالهن ونسيانهن، بقوله تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢]، ولا تصلح للإمامة العظمى، ولا لتولية البلدان، ولهذا لَمْ يُوَلّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أحد من خلفائه، ولا مَنْ بَعدهم امرأة قضاءً، ولا ولاية بلدٍ فيما بَلَغنا، ولو جاز ذلك لَمْ يخلُ منه جميع الزمان غالبًا.
وأما كمال الخلقة: فأن يكون متكلمًا، سميعًا، بصيرًا؛ لأنَّ الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم، ولا يفهم جميعُ الناس إشارته، والأصم لا يسمع قول الخصمين، والأعمى لا يعرف المدعي من المدعى عليه، والمُقَرّ له من المُقِرّ، والشاهد من المشهود له.
وقال بعض أصحاب الشافعي: يجوز أن يكون أعمي، لأنَّ شعيبًا - عَلَيْهِ السَّلَام - كان أعمي، ولهم في الأخرس الذي تفهم إشارته وجهان.
ولنا أن هذه الحواس تؤثّر في الشهادة، فيَمنع فَقْدها ولاية القضاء كالسمع، وهذا لأنَّ منصب الشهادة دون منصب القضاء، والشاهد يشهد في أشياء يسيرة، يُحتاج إليها فيها، وربما أحاط بحقيقة علمها، والقاضي ولايته عامة، وَيحكم في قضايا الناس عامة، فإذا لَمْ يُقبل منه الشهادة، فالقضاء أَولى، وما ذكروه عن شعيب - عَلَيْهِ السَّلَام - فلا نسلِّم فيه فإنه لَمْ يثبت أنه كان أعمى، ولو ثبت فيه ذلك، فلا يلزم ههنا، فإن شعيبًا - عَلَيْهِ السَّلَام - كان مَنْ آمن معه من الناس قليلًا، وربما لا يحتاجون إلى حَكَم بينهم؛ لقلّتهم، وتناصفهم فلا يكون حجة في مسألتنا.
[الشرط الثاني]: العدالة، فلا يجوز تولية فاسق، ولا من فيه نقص يمنع الشهادة، وحُكي عن الأصم أنه قال: يجوز أن يكون القاضي فاسقًا؛ لِمَا رُوي عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:"سيكون بعدي أمراء، يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، فصَلّوها لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم سُبْحَة".
ولنا قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية [الحجرات: ٦]، فأمر بالتبيّن عند قول الفاسق، ولا يجوز أن يكون الحاكم ممن لا يُقبل قوله، ويجب التبيّن عند حُكمه، ولأن الفاسق لا يجوز أن يكون