للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ لْيَقُلْ "حَدَّثَنِي" "أَخْبَرَنِي" … كِتَابَةً وَالْمُطْلِقِينَ وَهِّنِ

٣ - (ومنها): أن فيه ذكرَ الحكم مع دليله في التعليم، ويجيء مثله في الفتوى.

٤ - (ومنها): شفقة الأب على ولده، وإعلامه بما ينفعه، وتحذيره من الوقوع فيما يُنكَر.

٥ - (ومنها): نشر العلم للعمل به، والاقتداء، وإن لم يُسأل العالم عنه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في أقوال أهل العلم في حكم الحاكم في حال الغضب، ونحوه:

قال العلّامة ابن قُدامة رحمه الله: لا خلاف بين أهل العلم فيما علمناه، في أن القاضي لا ينبغي له أن يقضي، وهو غضبان، كَرِه ذلك شُريح، وعمر بن عبد العزيز، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وكتب أبو بكرة إلى عُبيد الله بن أبي بكرة، وهو قاض بسجستان: أن لا تحكم بين اثنين، وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحكم أحد بين اثنين، وهو غضبان"، متفق عليه، وكتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنهما -: "إياك والغضب، والقَلَق، والضَّجَرَ، والتأذي بالناس، والتنكر لهم عند الخصومة، فإذا رأيت الخصم يتعمد الظلم، فأوجع رأسه"، ولأنه إذا غضب تغيّر عقله، ولم يستوف رأيه وفكره، وفي معنى الغضب: كُلُّ ما شَغَل فِكْره، من الجوع المفرط، والعطش الشديد، والوجع المزعج، ومدافعة أحد الأخبثين، وشدة النعاس، والهمّ، والغمّ، والحزن والفرح، فهذه كلها تمنع الحاكم؛ لأنها تمنع حضور القلب، واستيفاء الفكر الذي يُتوصّل به إلى إصابة الحق في الغالب، فهي في معنى الغضب المنصوص عليه، فتجري مجراه. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١)، وهو بحث نفيس، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم: هل يَنْفُذُ حكم الحاكم حالة الغضب، أم لا؟:


(١) "المغني" ١٤/ ٢٥.