للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والخلاف في مذهب أحمد وغيره. وقد صح أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رُفِع إليه أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لا مال له غيرهم، فدعا بهم، فجزّأهم ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأَرَقَّ أربعة، وقال له قولًا شديدًا (١). ولعل الورثة لم يجيزوا إعتاق الجميع، والله أعلم.

(ومنها): بيع المدلَّس ونحوه، كالمصرّاة، وبيع النَّجْش، وتلقي الرُّكبان، ونحو ذلك، وفي صحته كله اختلاف مشهور في مذهب الإمام أحمد. وذهب طائفة من أهل الحديث إلى بطلانه وردِّه، والصحيح أنه يصح، ويوقف على إجازة من حصل له ظُلم بذلك، فقد صح عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل مشتري المصرّاة بالخيار، وأنه جعل للركبان الخيار، إذا هبطوا السوق (٢)، وهذا كله يدل على أنه غير مردود من أصله.

وقد أُورد على بعض من قال بالبطلان حديث المصراة، فلم يذكر عنه جوابًا.

وأما بيع الحاضر للبادي: فمن صححه جعله من هذا القبيل، ومن أبطله جعل الحق فيه لأهل البلد كلهم، وهم غير منحصرين، فلا يتصور إسقاط حقوقهم، فصار كحقّ الله عز وجل.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بالبطلان هو الظاهر؛ لعدم ورود نصّ يدلّ على صحّته، كما ورد في المصرّاة، ونحوه، والله تعالى أعلم.

(ومنها): لو باع رقيقًا، يَحرُم التفريق بينهم، وفرَّق بينهم، كالأم وولدها، فهل يقع باطلًا مردودًا، أم يقف على رضاهم بذلك؟. وقد رُوي أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بردّ هذا البيع (٣). ونص أحمد على أنه لا يجوز التفريق بينهم، ولو رضوا بذلك.


(١) أخرجه مسلم ٦/ ١٥٤ "شرح النوويّ"، وأبو داود (٣٩٥٨)، والترمذيّ (١٣٦٤)، والنسائيّ (١٩٥٨).
(٢) متفقٌ عليه.
(٣) أخرجه أبو داود برقم (٢٦٩٦)، وفيه انقطاعٌ، وحسّنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، راجع: "صحيح أبي داود" ٢/ ٥١٤.