للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ) الْمَخْرَميّ، أبو محمد المدنيّ، ثقةٌ [٨] (ت ١٧٠) (خت م ٤) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" ٢٢/ ١٣١٨.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ، لَهُ ثَلَاثةُ مَسَاكِنَ، فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ مِنْهَا، قَالَ: يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ في مَسْكَنٍ وَاحِدٍ).

قال الحافظ رحمه الله: وقد رويناه في "كتاب السُّنّة" لأبي الحسين بن حامد من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الواحد، وفيه قصّة، قال: "عن سعد بن إبراهيم قال: كان الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب أوصى بوصية، فجعل بعضها صدقة، وبعضها ميراثًا، وخلط فيها، وأنا يومئذ على القضاء، فما دَرَيتُ كيف أقضي فيها؟ فصليت بجنب القاسم بن محمد، فسألته، فقال: أَجِزْ من ماله الثلث وصية، ورُدَّ سائر ذلك ميراثًا، فإن عائشة حدثتني"، فذكره بلفظ إبراهيم بن سعد.

قال: وفي هذه الرواية دلالة على أن قوله في رواية مسلم: "يُجمَع ذلك كله في مسكن واحد"، هو بقية الوصية، وليس هو من كلام القاسم بن محمد، لكن صَرّح أبو عوانة في روايته بأنه كلام القاسم بن محمد، وهو مشكل جِدًّا، فالذي أوصى بثلث كل مسكن أوصى بأمْر جائز اتفاقًا، وأما إلزام القاسم بأن يُجمَع في مسكن واحد ففيه نظر؛ لاحتمال أن يكون بعض المساكن أغلى قيمةً من بعض، لكن يَحتَمِل أن تكون تلك المساكن متساويةً، فيكون الأَولى أن تقع الوصية بمسكن واحد من الثلاثة، ولعله كان في الوصية شيء زائد على ذلك يوجب إنكارها، كما أشارت إليه رواية أبي الحسين بن حامد. قال: وقد استشكل القرطبيّ، شارح مسلم ما استشْكَلْته، وأجاب عنه بالحمل على ما إذا أراد أحد الفريقين من الورثة، أو الموصَى لهم القسمةَ، وتمييز حقّه، وكانت المساكن بحيث يُضمّ بعضها إلى بعض في القسمة، فحينئذ تقوّم المساكن قيمة التعديل، ويُجمع نصيب الموصَى لهم في موضع واحد، ويبقى نصيب الورثة فيما عدا ذلك بحسب مواريثهم. والله أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).


(١) "الفتح" ٥/ ٦٤٢.