للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أَيْ" لِنِدَا الأَوْسَطِ فِي الشَّهِيرِ … لَا الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَللتَّفْسِيرِ

(كُلِّفْنَا) بالبناء للمفعول: أي حُمّلنا، يقال: كَلَّفته الأمرَ، فتكلّفه: إذا تحَمُّلهُ على مشقّة، والتكاليف: المشاقّ، الواحدة تَكْلِفَة، وكَلِفتُ الأمرَ، من باب تَعِبَ: حَمَلتُهُ على مشقّة، أفاده الفيّوميّ (١). (مِنَ الْأَعْمَالِ) متعلّق بـ "كُلّفنا"، أو بقوله: (مَا نُطِيقُ) بضمّ أوله، من الإطاقة، يقال: أطقتُ الشيءَ إطاقةً: إذا قدرت عليه، والاسم: الطاقةُ، مثل الطاعة، من أطاع (٢)، و"ما" موصولة مفعول ثانٍ لـ"كُلِّفنا"، والعائد محذوف: أي نُطيقه، وحذفه كثير، كما قال في "الخلاصة":

...................... … وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِير مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ … بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كـ"مَنْ نَرْجُو يَهَبْ"

وقوله: (الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ) بالنصب بدلًا من "ما"، أو عطف بيان له، والتقدير: كُلِّفْنا الصلاةَ … إلخ، (وَقَدْ أنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ) أي قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} الآية [البقرة: ٢٨٤] (وَلَا نُطِيقُهَا) أي لا نستطيع القيام بمقتضاها (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُرِيدُونَ) استفهام إنكاريّ وتوبيخيّ: أي لا ينبغي لكم (أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ) التوارة والإنجيل (مِنْ قَبْلِكُمْ) أي وهم اليهود والنصارى (سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟) هذا إشارة إلى قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} الآية [البقرة: ٩٣]، وقوله عز وجل: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (٤٦)} [النساء: ٤٦].

(بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا) قولك (وَأَطَعْنَا) أمرك، وقيل: سمع بمعنى: قَبِلَ، كما في "سَمِعَ الله لمن حمده"، (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا) قال الفرّاء: {غُفْرَانَكَ} ومصدرٌ وقع في موضع أمر، فنُصِب، والمعنى: مغفرتك: أي فاغفر لنا، والطلب للدعاء،


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٣٧
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨١.