للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَجَدِيرُونَ بِالْوَفَاءِ إِذَا قَا … لَ أَخُو النَّجْدَةِ السِّلَاحُ السّلَاحُ

ولو كان قوله: {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} جاء رفعًا في القراءة، لم يكن خطأً، بل كان صوابًا على ما وَصَفنا. انتهى (١).

(فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ) أي قرؤوها، قال المجد: قرأ القرآن: تلاه، كاقترأه. انتهى. فالافتعال للمبالغة (ذَلَّتْ) جواب "لَمّا": أي لانت، وسهُلت (بِهَا) أي بقرائتها (ألسِنَتُهُمْ) يعني أنهم استجابوا، وأطاعوا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما دعاهم، وأرشدهم إليه (فَأَنزَلَ اللهُ فِي إثْرِهَا) بفتح الهمزة والثاء، وبكسر الهمزة مع إسكان الثاء، لغتان، وضمير "إثرها" يعود إلى الآية التي اشتدت عليهم.

وقوله: ({آمَنَ الرَّسُولُ}) مفعول به لـ "أنزل" محكيّ؛ لقصد لفطه: أي صدّق الرسول ({بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}) أي بالقرآن العظيم ({وَالْمُؤْمِنُونَ}) أي وآمن المؤمنون ({كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ}) أفرده نظرًا للفظ "كلّ"، ويجوز في غير القرآن "آمنوا" على المعنى ({وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ}) قرأ نافع، وابن كثير، وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر على الجمع، وقرؤوا في سورة التحريم "كتابه" على التوحيد، وقرأ أبو عمرو هنا وفي التحريم: "وكتبه" على الجمع، وقرأ حمزة، والكسائيّ: "وكتابه" على التوحيد فيهما، فمن جمع أراد جمع كتاب، ومن أفرد أراد المصدر الذي يَجمع كلّ مكتوب كان نزوله من عند الله، ويجوز في قراءة من وحّد أن يراد به الجمع، ويكون الكتاب اسمًا للجنس، فتستوي القراءتان، قال الله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} [البقرة: ٢١٣].

({وَرُسُلِهِ}) قرأ الجماعة بضم السين، وكذلك "رسلنا، ورسلكم، ورسلك"، إلا أبا عمرو، فروي عنه: تخفيف "رسلنا، ورسلكم"، وروي عنه في "رسلك": التثقيل والتخفيف، فمن قرأ "رسلك": بالتثقيل، فذلك أصل الكلمة، ومن خفّف فكما يُخفّف في الآحاد، مثلُ عُنْقٍ وطُنْب، وإذا خُفّف في الآحاد، فذلك أحرى في الجمع الذي هو أثقل، قاله القرطبيّ (٢).

وقال الإمام ابن جرير: قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ} الآية: يعني بذلك جل ثناؤه: صَدَّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَقَرّ بما أنزل إليه: أي بما أُوحي


(١) "تفسير ابن جرير" ٦/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٢) "تفسير القرطبيّ" ٣/ ٤٢٨.