للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الشافعيّ، والجمهور، وأجازه الأوزاعيّ، قاله النوويّ أيضًا.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي الحديث حجَّة لمن منع بيع الشاة اللبون باللَّبن إذا كان في ضرعها لبن حاضر، وهو مذهب مالك، والشافعيّ، فإن لَمْ يكن فيها لبن حاضر أجازه مالك نقدًا، ومنعه إلى أجل، واختَلَف أصحابه، فحمله جلُّهم على عمومه، وقال بعضهم: إنَّما هذا إذا قدَّم الشاة، فلو كانت هي المؤخَّرة جاز، وأجاز بيعها بالطعام نقدًا، وإلى أجل، وأجاز الأوزاعيّ شراءها باللبن، وإن كان في ضرعها لبن، ورأوه لغوًا وتابعًا، ولم يجز الشافعيّ، ولا أبو حنيفة بيعها بطعام إلى أجلٍ. انتهى (١).

٨ - (ومنها): أن الشاة إذا كان لها لبن مقدور على حلبه قابله قسط من الثمن، قاله الخطابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو يؤيد خبر المصرّاة، ويُثبت حكمها في تقويم اللبن.

٩ - (ومنها): أن من حلب من ضرع ناقة، أو غيرها مصرورة، مُحْرَزة بغير ضرورة، ولا تأويل، ما تبلغ قيمته ما يجب فيه القطع أن عليه القطعَ، إن لَمْ يأذن له صاحبها تعيينًا، أو إجمالًا؛ لأنَّ الحديث قد أفصح بأن ضروع الأنعام خزائن الطعام، وحَكَى القرطبيّ عن بعضهم وجوب القطع، ولو لَمْ تكن الغنم في حرز؛ اكتفاء بحرز الضرع للبن، وهو الذي يقتضيه ظاهر الحديث، قاله في "الفتح" (٢)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم حلب الماشية بغير إذن مالكها:

قال الحافظ ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في الحديث النهي عن أن يأخذ المسلم للمسلم شيئًا إلَّا بإذنه، وإنما خَصّ اللبن بالذِّكر؛ لتساهل الناس فيه، فنبّه به على ما هو أولى منه، وبهذا أخذ الجمهور، لكن سواء كان بإذن خاصّ، أو إذن عامّ، واستثنى كثير من السلف ما إذا عَلِم بطيب نفس صاحبه، وإن لَمْ يقع


(١) "المفهم" ٥/ ١٩٧.
(٢) "الفتح" ٦/ ٢٥١ - ٢٥٢، كتاب "اللقطة" رقم (٢٤٣٥).