للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨ - (ومنها)؛ ما قاله أبو إسحاق الزجَاج: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} إلى آخر السورة [البقرة: ٢٨٦]، أخبر الله تعالى به عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين، وجعله في كتابه؛ ليكون دعاء من يأتي بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضي الله عنه -، فهو من الدعاء الذي ينبغي أن يُحفظ، ويُدعَى به كثيرًا.

وسيأتي للمصنّف في "كتاب الصلاة" من هذا الكتاب من حديث أبي مسعود الأنصاريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة، في ليلة كَفَتَاه"، قيل: كفتاه من قيام تلك الليلة، وقيل: كفتاه المكروه فيها، والله تعالى أعلم (١).

٩ - (ومنها): ما قاله إِلْكِيا الطبريّ: يُستدلّ بقوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} على أنّ مَن قَتَل غيره بمثقل، أو بَخْنق، أو تغريق، فعليه ضمانه قصاصًا، أو دية، خلافًا لمن جَعَل ديته على العاقلة، وذلك يُخالف الظاهر، ويَدُلّ أيضًا على أن سقوط القصاص عن الأب، لا يقتضي سقوطه عن شريكه، ويدلّ أيضًا على وجوب الحد على العاقلة إذا مَكَّنت مجنونًا من نفسها، حتى زنى بها.

وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ: ذَكَرَ علماؤنا هذه الآية في أن القَوَدَ واجب على شريك الأب، خلافًا لأبي حنيفة، وعلى شريك الخاطئ، خلافًا للشافعيّ وأبي حنيفة؛ لأن كلَّ واحد منهما قد اكتَسَب القتل، وقالوا: إن اشتراك مَن لا يجب عليه القصاص، مع من يجب عليه القصاص لا يكون شُبْهةً في درء ما يُدرأ بالشبهة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه المالكيّة من وجوب الْقَوَد على شريك الأب، وشريك الخاطئ هو الأرجح عندي؛ لقوّة حجتهم، فتأمّله بإنصاف، والله تعالى أعلم.

١٠ - (ومنها): ما قاله المازريّ: إشفاقهم، وقولهم: لا نطيقها، يحتمل أن يكونوا اعتقدوا أنهم يؤاخذون بما لا قدرة لهم على دفعه من الخواطر التي


(١) راجع: "شرح النووي"٢/ ١٥٢ - ١٥٣.
(٢) راجع: "جامع الأحكام" للقرطبيّ ٣/ ٤٣١.